للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

صلى الله عليه وسلم شيئًا مما أنزل الله عليه لكتم شأن امرأة زيد، وقوله تعالى: {تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ} " (١) "

ولكن لم يكن محاربته إياهم مثل محاربة أبيه، فبدأ السبئية يزرعون بذور الفتنة والفساد ويبثون سموم الخلاف والشقاق والفرقة بكل حرية وانطلاقة، وخاصة بعد أن تخاذل الشيعة عن الحسن وبعد تفرقهم عنه ودخول بعضهم في السبئية وميول بعضهم إلى معاوية والتحاق البعض الآخرين بالخوارج وغيرهم، ولقد صوّر هذه الأحوال شيخ الشيعة المفيد والأربلي الشيعي والمجلسي في كتبهم وهم يذكرون تحرك معاوية إلى العراق:

"وسار معاوية نحو العراق ليغلب عليه فلما بلغ جسر منبج تحرك الحسن عليه السلام وبعث حجر بن عدي يأمر العمال بالمسير واستنفر الناس للجهاد فتثاقلوا عنه ثم خفوا ومعه أخلاط من الناس بعضهم شيعة له ولبيه، وبعضهم محكمة يؤثرون قتال معاوية بكل حيلة، وبعضهم أصحاب فتن وطمع في الغنائم، وبعضهم شكاك، وبعضهم أصحاب عصبية اتبعوا رؤساء قبائلهم لا يرجعون إلى دين، فسار حتى أتى حمام عمر ثم أخذ إلى دير كعب فنزل ساباط دون القنطرة وبات هناك فلما أصبح أراد - رضي الله عنه - أن يمتحن أصحابه ويستبرئ أحوالهم في الطاعة له ليتميز بذلك أولياءه من أعداءه ويكون على بصيرة من لقاء معاوية وأهل الشام فأمر بهم أن ينادى بالصلاة جامعة فاجتمعوا فصعد المنبر فخطبهم فقال:

الحمد لله كلما حمده حامد وأشهد أن لا إله إلا الله كلما شهد له شاهد وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله أرسله بالحق وائتمنه على الوحي


(١) - شرح النهج لابن أبي الحديد ج٨ ص١٢٠ ط. دار إحياء الكتب.

<<  <   >  >>