للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

طالب صالح معاوية بن أبي سفيان على أنه يعمل بين الناس بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم سيرة الخلفاء الراشدين (١) وأن لا يعين أحداً بعده وأن يؤمن الناس أينما كانوا في الشام والعراق والحجاز واليمن وأن يؤمن شيعة علي بن أبي طالب وأصحابه في أنفسهم وأموالهم وأزواجهم وأولادهم وأخذ على هذه الشروط العهود المغلظة باليمين (٢) ".

فجعل الحسن بن علي ـ وهو الإمام الثاني عند الشيعة ـ أحد شروط الصلح مع معاوية أن يكون متبعاً لسيرة الخلفاء الراشدين، ولم يكن هؤلاء إلا أبا بكر وعمر وعثمان وعلياً، كما أنه لم يجعل العمل بسيرة هؤلاء شرطاً من أهم الشروط إلا لأنه كان يحسن فيهم الظن ويعتقد فيهم الخير ويؤمن بتقواهم وطهارتهم زيادة على إيمانهم وإسلامهم الصحيح الخالص.

هذا ومثل هذا كثير لمن تتبع أخبار علي وأولاده (٣) رضي الله عنهم ورحمهم أجمعين.

ونريد أن نضيف إلى ذلك أن الخلاف الذي وقع بين علي ومعاوية رضي الله عنهما لم يؤد إلى التكفير والتفسيق فيما بينهم ولا إلى المقاطعة الدائمة والمباغضة الأبدية والهجران والقطيعة كما تصوره القوم في العصور المتأخرة وكما وضعت الأساطير والقصص، بل كل واحد من الحزبين كان يعتقد بإيمان الآخر وإسلامه ويحب الإصلاح بينهما ويسعى إلى التوافق والتصالح، وعلى ذلك صالح الحسن بن علي معاوية رضي الله عنهم أجمعين وبايعه، ولم يكن يظنه كافراً خارجاً عن الإسلام لما اتفق معه ولم


(١) - فليلاحظ لفظ الخلفاء الراشدين لأن الذين أعمى الله أبصارهم لا يستحيون من تأويلات سخيفة ركيكة كلما عرض عليهم دليل أو برهان مثبت في كتبهم وعن أعيانهم.
(٢) - جلاء العيون للمجلسي ج١ ص٢٩٣ ط طهران ١٣٩٨هـ، الفصول المهمة في معرفة أحوال الأئمة ص١٦٣ ط طهران، منتهى الآمال للعباس القمي ص٣١٤.
(٣) - ونبذة غير يسيرة موجودة في كتابنا (الشيعة وأهل البيت) من أراد ذلك فليرجع إليه.

<<  <   >  >>