للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

طاووس رحمه الله، وشكا إليه ما يجده منها، وقال: أريد أن أداويها، فأحضر له أطباء الحلة وأراهم الموضع، فقالوا: هذه التونة فوق العرق الأكحل، وعلاجها خطر، ومتى قطعت، خيف أن يُقطع العرق فيموت. فقال له السعيد رضي الدين قدس روحه: أنا متوجه إلى بغداد، وربما كان أطباؤها أعرف وأحذق من هؤلاء، فاصحبني. فأصعد معه، وأحضر الأطباء، فقالوا كما قال أولئك، فضاق صدره. فقال له السعيد: إن الشرع قد فسح لك في الصلاة في هذه الثياب، وعليك الاجتهاد في الاحتراس، ولا تغرر بنفسك، فالله تعالى قد نهى عن ذلك، ورسوله. فقال له والدي: إذا كان الأمر على ذلك، وقد وصلت إلى بغداد، فأتوجه إلى زيارة المشهد الشريف بسرّ من رأى، على مشرفة السلام. ثم أنحدر إلى أهلي، فحسن ذلك.

فترك ثيابه ونفقته عند السعيد رضي الدين وتوجه. قال: فلما دخلت المشهد، وزرت الأئمة عليهم السلام ونزلت السرداب، واستغثت بالله تعالى وبالإمام عليه السلام، وقضيت بعض الوقت في السرداب، وبت في المشهد إلى الخميس، ثم مضيت إلى دجلة واغتسلت ولبست ثوباً نظيفاً، وملئت إبريقا كان معي، وصعدت أريد المشهد.

فرأيت أربعة فرسان خارجين من باب السور، وكان حول المشهد قوم من الشرفاء يرعون أغنامهم. فحسبتهم منهم، فالتقينا. فرأيت شابين أحدهما عبد مخطوط، وكل واحد منهم متقلد بسيف، وشيخاً بيده رمح والآخر متقلد بسيف، وعليه فرجية ملونة فوق السيف، وهو متحنك بعذبته.

فوقف الشيخ صاحب الرمح يمين الطريق، ووضع كعب في الأرض، ووقف الشابان عن يسار الطريق، وبقي صاحب الفرجية على الطريق مقابل والدي، ثم سلموا عليه، فردّ عليهم السلام.

فقال له صاحب الفرجية: أنت غداً تروح إلى أهلك؟ فقال: نعم، فقال له:

<<  <   >  >>