للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الشام ومن المدينة إلى الربذة، وكان الذي دعا إلى ذلك شدة الورع من أبي ذر وحمله الناس على شدائد الأمور والزهد في الدنيا، وأنه لا ينبغي لأحد أن يكون عنده أكثر من قوت يومه، ويأخذ بالظاهر في ذم الادخار بكنز الذهب والفضة، وكان بن سبأ يأتيه فيغريه بمعاوية ويعيب قوله: المال مال الله، ويوهم أن في ذلك احتجانه للمال وصرفه على المسلمين حتى عاتب أبو ذر معاوية، فاستعتب له وقال: سأقول: مال المسلمين، واتى ابن سبأ إلى أبي الدرداء وعبادة بن الصامت بمثل ذلك، فدفعوه، وجاء به عبادة إلى معاوية وقال: هذا الذي بعث عليك أبا ذر (١) ".

وقد ذكره الحافظ ابن حجر عن [ابن] عساكر في تاريخه:

" كان أصله من اليمن، وكان يهودياً فأظهر الإسلام وطاف بلاد المسلمين ليلفتهم عن طاعة الأئمة ويدخل بينهم الشر، ودخل دمشق لذلك (٢) ".

ومثل ذلك قال الإسفراييني:

" إن ابن سوداء كان رجلاً يهودياً ن وكان قد تستر بالإسلام، أراد أن يفسد الدين على المسلمين (٣) ".

وأما سعيه للفتنة والفساد فلقد ورد طرف من أخباره فيما ذكرناه وكما ذكره الطبري مفصلاً في تاريخه أنه كان يوماً في البصرة ويوماً في الكوفة ويوماً في مصر كما ذكر عن حكيم بن جبلة.

لما مضى من إمارة ابن عامر ثلاث سنين بلغه أنه في عبد القيس رجلاً نازلاً على حكيم بن جبلة وكان حكيم بن جبلة رجلاً لصاً إذا قفل الجيش خنس عنهم، فسعى في أرض فارس يغير على أهل الذمة


(١) - تاريخ ابن خلدون ج ٢ ص ١٣٩ تحت عنوان بدا الانتقاص على عثمان.
(٢) - لسان الميزان ج ٣ ص ٢٨٩.
(٣) - التبصير في الدين لأبي المظفر الإسفراييني: ص ١٠٩.

<<  <   >  >>