للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الشاهد في أعمال (ما) عمل ليس مع تقديم خبرها على اسمها. ومدح الفرزدق بهذا الشعر عمر بن عبد العزيز وكان قد ولي المدينة.

يقول: ما أعيد لأهل المدينة ولمن بها من قريش أزمان مثل أزمان مروان - من الخصب والسعة والخير - حتى وليت أنت عليهم، فعاد لهم مثل ما كانوا فيه من الخير حين كان مروان واليا عليهم.

وقوله: إذ في وحشها غرر، يريد: وحشها لا يذعرها أحد، فهي في غرة من عيشها. ويقال: هو في غرة من العيش، إذا كان في عيش ليس فيه كدر ولا خوف. فأصبحوا بولايتك عليهم قد أعاد الله نعمتهم.

قال سيبويه بعد إنشاد هذا البيت: وهذا لا يكاد يعرف يريد: إعمال (ما) مع تقديم خبرها. وزعم أبو العباس محمد بن يزيد أن (مثلهم) منصوب لا على هذا الوجه، وانه ليس بخبر لـ (ما) وخبر (ما) عنده محذوف. و (مثلهم) منصوب على الحال، والعامل فيه الخبر المحذوف. كأنه قال: وإذ ما في الدنيا مثلهم بشر. وأنكر أبو العباس الوجه الذي ذهب إليه سيبويه من تقديم خبر (ما) مع الأعمال حين اضطر الشاعر، وزعم أن الخبر محذوف.

وحذف الخبر أن لم يكن عليه دليل في الكلام، أو في الحال التي المخبر فيها، لم يجز حذفه. كقولك - وقد جرى ذكر رجل فعل فعلا جميلا، وأحسن إحسانا كثيرا -: عمرو. أي هذا الذي ذكرتهم عمرو. أو يكون مثل قولك - والناس يتراءون الهلال -: الهلال، أي هذا الهلال.

فإن لم يكن عليه دليل فحذفه قبيح. فيكون أبو العباس قد أنكر حمل البيت على وجه

<<  <  ج: ص:  >  >>