للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

قال: والله أن لو فعلت ما أفلت بها قيس أبن أبيك، فغضب عمرو بن هند - وكان يؤثر بني تغلب على بكر - فقال: يا حارثة، أعطه لحينا بلسان أنثى، يقول الحيه، قال له النعمان: أيها الملك، أعط ذلك أحب أهلك إليك، فقال له عمرو بن هند: أيسرك أني أبوك؟ قال: لا، ولكني وددت أنك أمي، فغضب عمرو بن هند غضبا شديدا حتى هم بالنعمان.

وقام الحارث بن حلزة - وهو أحد بني كنانة بن يشكر - فارتجل قصيدته

ارتجالا، وتوكأ على قوسه، فزعموا إنه انتظم بها كفه وهو لا يشعر من الغضب.

وكان عمرو بن هند شريرا لا ينظر إلى أحد به سوء، وكان الحارث بن حلزة إنما بنشد من وراء حجاب، فلما أنشد هذه القصيدة أدناه حتى خلص إليه.

وقال قطرب: حكى لنا أن الحلزة ضربٌ من البنات، قال: ولم نسمع فيه غير ذلك.

قال أبو عبيدة: أجود الشعراء قصيدة واحدة جيدة طويلة ثلاثة نفر: عمرو بن كلثوم، والحارث بن حلزة، وطرفة بن عبد.

وزعم الأصمعي أن الحارث قال قصيدته وهو يومئذ قد أتت عليه من السنين خمس وثلاثون ومائة سنة، وقال حين ارتجلتا مقبلا على عمرو بن هند:

(آذَنَتْنَا بِبَينِهَا أَسْمَاءُ ... رُبّ ثَاوٍ يُمَلُّ مِنْهُ الثّوَاءُ)

آذنتنا: أي أعلمتنا، والبين: الفراق، والثاوي: المقيم، ويُمل: من الملال.

<<  <   >  >>