للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومعناه: أتى سيف الدولة الظُّعن في سوقه القبائل، فثبتت الخيل تُطاعن عن حُرمها وتحامي عليها، والظُّعن وراء ظهورها، فكانت إذا طُعنت في صدورها نفذتها إلى ظهورها، فرشَّ الدَّم نحور العواتق من ظهور الخيل.

(ولا ترِدُ الغُدرانَ إلاَّ وماؤُها ... منَ الدَّمِ كالرَّيحانِ تحتَ الشَّقائِقِ)

قال أبو الفتح: أي لكثرة ما قتل أعداءه قد جرت الدماء إلى الغدران فغلبت على خضرة الماء حمرة الدم، فالماء يلوح من خلل الدَّم وماء الغدير أخضر لما لا يكاد يفارقه من الطُّحلب، وذلك لنزوحه وبُعده فلا يرُدُه أحد.

قال الشيخ: حام حول المعنى حتى جاء ببعضه تفاريق بخلل بيِّنٍ، وذلك أنه يقول: غلبت خضرة الماء حمرة الدم، فالماء يلوح من خلل الدَّم، وكيف يكون كذلك؟ والماء والدَّم إذا التقيا فالماء طافٍ والدَّم أبداً راسب، فكيف يلوح الماء من خلل الدم، وهو فوقه والدَّم تحته، وهو محالٌ؟ ثم ليس للماء من الخضرة ما يحسن تشبيهه بالرَّيحان. وقوله: ماء الغدير

أخضر لما لا يكاد يُفارقه من الطُّحلب أيضاً محال، لأن الأخضر هو الطُّحلب لا الماء، وما هو بجسمٍ لطيف رقيق كالماء فيمازجه، ويكتسي الماء خضرته، وإنما هو جسمٌ جاف غليظ يعلو الماء ويسفل، ولا يمتزج به،

<<  <  ج: ص:  >  >>