للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

٣٩ - وَعَن عَمْرو بن يَحْيَى الْمَازِني عَن أَبِيه قَالَ: " شهِدت عَمْرو بن أبي حسن سَأَلَ عبد الله بن زيد عَن وضوء النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَدَعَا بتور من مَاء فَتَوَضَّأ لَهُم فكفأه عَلَى يَدَيْهِ فغسلهما ثَلَاثًا ثمَّ أَدخل يَده فِي الْإِنَاء، فَمَضْمض واستنشق واستنثر ثَلَاثًا بِثَلَاث غرفات من مَاء، ثمَّ أَدخل يَده فِي الْإِنَاء فَغسل يَدَيْهِ إِلَى الْمرْفقين مرَّتَيْنِ، ثمَّ أَدخل يَده فِي الْإِنَاء فَمسح بِرَأْسِهِ فَأقبل بيدَيْهِ وَأدبر بهما، ثمَّ أَدخل يَده فِي الْإِنَاء فَغسل رجلَيْهِ إِلَى الْكَعْبَيْنِ، فَقَالَ: هَكَذَا رَأَيْت رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يتَوَضَّأ " وَفِي رِوَايَة " فَمَضْمض واستنثر ثَلَاث مَرَّات من غرفَة وَاحِدَة " وَفِي رِوَايَة: " بَدَأَ بِمقدم رَأسه حَتَّى ذهب بهما إِلَى قَفاهُ، ثمَّ ردهما إِلَى الْمَكَان الَّذِي بَدَأَ مِنْهُ ". مُتَّفق عَلَيْهِ.

ثم ذكر هذا الحديث عن عبدالله بن زيد رضي الله عنه أنه توضأ من ماء في تور وأنه أفرغ على يديه لأنه ما غمسهما في البداية بل أفرغ حتى يغسلهما وحتى ينظفهما ثم بعد ذلك يتوضأ ويدخل يده بعد أن صارتا نظيفتين بالغسل الذي حصل بإكفاء الإناء حتى غسلهما ومعنى ذلك أن اليد إذا دخلت في الإناء فإنها تكون نظيفة لا يكون فيها شيء من الوسخ ولهذا لا يغمسها في الأول عندما يغسل يديه وإنما غسل اليدين هذا مستحب ولكنه يكون خارج الإناء فلو أدخل يده في الإناء من أول وهلة فإن ذلك لا يؤثر ولكن الأولى أن يكون الإنسان يكفئ إذا كان يتوضأ من إناء فإنه يكفئ على يديه ويغسلهما خارج الإناء ثم بعد ذلك يبدأ بالوضوء، ثم ذكر بعد ذلك أنه يعني بعدما غسل يديه خارج الإناء صار يدخل يده في الإناء لكل عضو من الأعضاء فكان أخذ بيديه وتمضمض واستنشق بثلاث

غرفات بأن يجمع بين المضمضة والاستنشاق في غرفة واحدة بحيث غرفة واحدة يجعلها في فمه يعني بعضها في فمه وبعضها في أنفه فيكون ثلاث مرات وهذا يدل على استحباب التثليث في المضمضة والاستنشاق كما حصل، وحديث حمران ما ذكر التكرار في المضمضة والاستنشاق وإنما ذكر أنه تمضمض واستنشق ولم يذكر التكرار وفي هذ الحديث بيان التكرار وبيان العدد وأن هذا هو المستحب ومعلوم أن الثلاث أو ذكر الثلاث يعني في جميع المواضع في الوضوء أنها كلها من قبيل الاستحباب وليس على سبيل الوجوب وإنما الواجب هو غسلة واحدة مستوعبة للأعضاء هذا هو الواجب وهذا هو الفرض في الوضوء وما زاد على ذلك فإنه مستحب وهو من إسباغ الوضوء فإذًا هذا الحديث فيه بيان التثليث في المضمضة والاستنشاق وكما أن التثليث يكون في الوجه، ثم ذكر غسل اليدين يعني المرفقين مرتين مرتين وهذا يدل على أن إسباغ الوضوء ينتهي عند ثلاث ولكن يمكن أن يكون ثلاثا ثلاثا من أوله إلى آخره ويمكن أن يكون اثنتين اثنتين من أوله إلى آخره ويمكن مرة مرة من أوله إلى آخره ويمكن أن يكون بعضه مره وبعضه مرتين وبعضه ثلاث كل ذلك سائغ يعني معناه أن التثليث هو آخر شيء وأعلى شيء وأنه يمكن أن يكون مرتين في جميع الأحوال ويمكن أن يكون مرة واحدة في جميع الأحوال وهذا لابد منه لأن هذا هو الفرض مرة واحدة مستوعبة ويمكن أن يكون بعضه مرة وبعضه مرتين وبعضه ثلاث كل هذا سائغ وكل هذا جائز ولهذا جاء في هذا الحديث في حديث عبدالله بن زيد رضي الله عنه أن من صفات وضوئه -صلى الله عليه وسلم- التي شوهدت منه أنه كما جاء في حديث عبدالله بن زيد رضي الله عنه هذا أنه غسل يديه إلى المرفقين مرتين مرتين، ثم أدخل يده في الإناء معناه أن كل فرض يأتي بماء جديد، أدخل يده في الإناء فأقبل وأدبر جاء هنا أقبل وأدبر وقد جاء في الرواية التي ستأتي أنه بدأ بمقدم رأسه حتى بلغ إلى قفاه ثم أعادهما إلى المكان الذي بدأ وهذه هي

الصفة صفة مسح الرأس يبدأ من مقدم رأسه ويذهب إلى قفاه الذي هو آخر الرأس ثم يرجع إلى المكان الذي بدأ منه أما قوله أقبل وأدبر ليس معنى ذلك أنه يقبل وأن أول الرأس إنما يوصل إليه بعد أن أقبل وإنما المقصود أقبل أنه بدأ بمقدم الرأس الذي هو القبل وأدبر جاء بعده مؤخر الرأس الذي هو الدبر وهذا من جنس كما يقولون أتهم وأنجد يعني إذا دخل في نجد ودخل في تهامة معنى ذلك أقبل مسح أول الرأس الذي هو أوله وأدبر

يعني مسحه وهذا يتفق مع رواية بدأ بمقدم رأسه حتى ذهب إلى قفاه ثم رجع إلى المكان الذي بدأ منه يعني معنى ذلك أنه يبدأ بمقدم رأسه ثم يذهب إلى مؤخر رأسه متصل ثم يرجع إلى المكان الذي بدأ منه هذا هو صفة مسح الرأس وعلى هذا فقوله أقبل وأدبر لا تنافي الرواية التي جاءت بعد ذلك أنه بدأ بمقدم رأسه لأن المقصود بذلك أقبل يعني أنه بدأ بالمقدم الذي هو قبل الرأس وثم أدبر استمر إلى الدبر الذي هو دبر الرأس الذي هو الآخر والمقصود من ذلك أن النهاية في آخر الرأس لكن إذا كان الشعر مسترسل يعني ضفائر وغير ضفائر فإنه لا يلزمه مسحه لأن المسح إلى نهاية الرأس أما ما استرسل بعد ذلك إذا كان مثل شعر المرأة أو شعر الرجل إذا كان له شعرا طويل وأنه ينزل عن رأسه فإنه لا يمسح هذا الذي يسترسل وإنما يمسح إلى آخر الرأس قال فأقبل وأدبر إذًا هذا معنى الإقبال والإدبار وليس معنى ذلك الإقبال أنه يأتي من الخلف إلى الأمام وإنما المقصود به بدأ بما هو مقدم وانتهى بما هو مؤخر ثم رجع إلى المكان الذي بدأ منه وبذلك تتفق الروايتان رواية بدأ بمقدم رأسه حتى رجع إلى المكان الذي بدأ منه ورواية أقبل وأدبر، ثم أدخل يده في الإناء وغسل رجليه إلى الكعبين والكعبان داخلان في المغيّا كما عرفنا، قوله هذه الرواية فمضمض واستنثر من غرفة واحدة قال الحافظ ابن حجر في شرح هذه الرواية أنه يعني يحتمل أن يكون المقصود بها أن المضمضة والاستنشاق أنها ثلاث مرات ولكن يجمع بين المضمضة والاستنشاق في غرفة واحدة فتكون مثل الرواية التي تقدمت والذي فيها أنه يتمضمض ويستنشق من غرفة واحدة ويحتمل أن يكون أن الثلاث مرات أنها من غرفة واحدة قال والأول هو الأولى لأنه هو المطابق أو الموافق للرواية التي فيها المضمضة والاستنشاق من غرفة واحدة.

<<  <   >  >>