للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإذا عوفي المسلم من مرض الرياء بإياك نعبد .. ومن مرض الكبر بإياك نستعين .. ومن مرض الجهل والضلال باهدنا الصراط المستقيم .. فقد عوفي من أمراضه وأسقامه .. وكان من المنعم عليهم، غير المغضوب عليهم .. وهم الذين عرفوا الحق وعدلوا عنه .. ولا الضالين .. وهم الذين جهلوا الحق ولم يعرفوه.

وزكاة القلب موقوفة على طهارته، كما أن زكاة البدن موقوفة على استفراغه من أخلاطه الرديئة الفاسدة: {وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (٢١)} [النور: ٢١].

وقال سبحانه: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى (١٤) وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى (١٥)} [الأعلى: ١٤، ١٥].

فأصل ما تزكو به الأرواح والقلوب هو التوحيد والإيمان، الذي بهما يزكو القلب، وينشرح الصدر.

فإن ذلك يتضمن نفي إلهية ما سوى الحق من القلب، وذلك طهارته، وإثبات إلهيته سبحانه، وهو أصل كل زكاة ونماء.

فإن التزكي وإن كان أصله النماء والزيادة والبركة، فإنه كذلك يحصل بإزالة الشر.

فلهذا صار التزكي ينتظم الأمرين جميعًا.

فمن غض بصره عما حرم الله عزَّ وجلَّ، عوضه الله تعالى من جنسه ما هو خير منه، فمن أمسك نور بصره عن المحرمات، أطلق الله نور بصيرته وقلبه، فرأى به ما لم يره من أطلق بصره، ولم يغضه عن محارم الله تعالى، وهذا أمر يحسه الإنسان من نفسه.

والقلوب تمرض كما تمرض الأبدان، وتعتريها الآفات كما تعتري الأعضاء والجوارح.

وكما أن للأبدان غذاءً ودواءً، فكذلك للقلوب غذاء ودواء.

وعلامة صحة القلب قبوله ما ينفعه ويغذيه من الإيمان، ومعرفة ربه، ومعرفة

<<  <  ج: ص:  >  >>