للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ} [المائدة: ٦٤].

وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «يَدُ الله مَلأى لا تَغِيضُهَا نَفَقَةٌ، سَحَّاءُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ. وَقَالَ: أرَأيْتُمْ مَا أنْفَقَ مُنْذُ خَلَقَ السَّمَاءَ وَالأرْضَ فَإِنَّهُ لَمْ يَغِضْ مَا فِي يَدِهِ» متفق عليه (١).

وهو سبحانه الملك الوهاب، أما العباد فإنهم ملك لله سبحانه، فكل من وهب من العباد شيئاً من عرض الدنيا لصاحبه فهو واهب.

ولا يستحق أن يسمى وهاباً إلا من تصرفت مواهبه في أنواع العطايا، فكثرت نوائله وعطاياه وهباته ودامت، والخلق إنما يملكون أن يهبوا مالاً أو نوالاً في حال دون حال، ولا يملكون أن يهبوا شفاءً لسقيم، ولا ولداً لعقيم، ولا هدىً لضال، ولا عافية لمريض، ولا رزقاً لمخلوق، ولا أمناً لخائف، ولكن الله الملك الوهَّاب يملك كل ذلك: {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ (٢١)} [الحجر: ٢١].

والله جواد كريم اختص من شاء من عباده بالنبوة والرسالة كما قال سبحانه عن إبراهيم - صلى الله عليه وسلم -: {وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ} ... [العنكبوت: ٢٧].

ووهب الملك والسلطان من شاء من عباده كما قال سبحانه: {وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (٢٤٧)} [البقرة: ٢٤٧].

وقد سأل سليمان - صلى الله عليه وسلم - ربه أن يهبه ملكاً فاستجاب له، ووهب له ملكاً عظيماً: {قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ (٣٥)} [ص: ٣٥].

وهكذا المؤمن يقدم شكواه، ويطلب حاجته من ربه العزيز الوهَّاب.

قال زكريا - صلى الله عليه وسلم -: {رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ (٨٩) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ (٩٠)} [الأنبياء: ٨٩، ٩٠].


(١) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (٤٦٨٤) واللفظ له، ومسلم برقم (٩٩٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>