للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحده.

فلما ألقوه في النار، ولقوة يقين إبراهيم على ربه أمر الله الضار أن يكون نافعاً، وسلب النار خاصية الإحراق، جسد إبراهيم خاصية الاحتراق، وجعلها برداً وسلاماً على إبراهيم كما قال سبحانه: {قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانْصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ (٦٨) قُلْنَا يَانَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ (٦٩)} [الأنبياء: ٦٨، ٦٩].

وكذا فعل الله بنوح ومن آمن معه فحملهم في السفينة، وجعل الماء الذي أغرق به أعداءه حاملاً لهم، مهلكاً لأعدائه في وقت واحد كما قال سبحانه: {وَقَوْمَ نُوحٍ لَمَّا كَذَّبُوا الرُّسُلَ أَغْرَقْنَاهُمْ وَجَعَلْنَاهُمْ لِلنَّاسِ آيَةً وَأَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ عَذَابًا أَلِيمًا (٣٧)} [الفرقان: ٣٧].

وطريق معية الله سهل، بأن يعيش الإنسان إنساناً مؤمناً بربه مستقيماً على أوامره: {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (٣٠)} [الروم: ٣٠].

فهذا حق الله علينا أن نعيش كما أراد الله، إنساناً عاقلاً يؤمن بربه، ويمتثل أمره، لا حيواناً يفعل ما يشاء، ويأكل ما يشاء.

وكثير من الناس يعيش حيواناً لا إنساناً، بل أضل من الحيوان كما قال سبحانه: {أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا (٤٤)} [الفرقان: ٤٤].

وأعظم منصب يناله الإنسان، وأعلى مقام يصل إليه، وأفضل درجة يرقى إليها، هي مقام العبودية، بأن يكون عبداً لربه ومولاه مالك الملك، وجبار السموات والأرض، الذي خلق كل شيء، وبيده كل شيء، كما وصف بها سيد الأنبياء والرسل في مقام الوحي كما قال سبحانه: {فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى (١٠)} [النجم: ١٠].

وفي مقام الإسراء بقوله: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (١)}

<<  <  ج: ص:  >  >>