للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يؤثر في تطهيرها، لا سيما إذا خالطه شيء لا يتلاءم مع طبيعته، فكذلك العبادة إذا أداها العبد أداءً ناقصاً، أو لابسها شرك أو رياء، فإنها تفقد خاصيتها بالتطهير والتزكية للروح، ومن ثم لا تقبل: {فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا (١١٠)} [الكهف: ١١٠].

والنبي - صلى الله عليه وسلم - أكمل الخلق توحيداً وإيماناً، وأكملهم عبودية لله، وأكملهم محبة له، وأكملهم افتقاراً إليه، وأكملهم توبة واستغفاراً لله عزَّ وجلَّ.

فهو أفضل الخلق عند الله، وأكرمهم منزلة، وهو سيد ولد آدم، والخير كله من الله، والخلق كله لله، والأمر كله لله، وليس للمخلوق منه شيء، بل المخلوق فقير إلى الله من كل وجه، والله غني عنه من كل وجه، محسن إليه من كل وجه كما قال سبحانه: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (١٥)} [فاطر: ١٥].

وقال سبحانه: {وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ (٥٣)} [النحل: ٥٣].

والعبد إذا أصبح أو أمسى وليس همه إلا الله وحده تحمَّل الله عنه حوائجه كلها، وحمل عنه كل ما أهمه.

وفرَّغ قلبه لمحبته .. ولسانه لذكره .. وجوارحه لطاعته.

وإذا أصبح أو أمسى والدنيا همه، فرَّق الله عليه شمله، ووكله إلى نفسه، وحمله هموم الدنيا وأنكادها.

فشغل قلبه عن محبته بمحبة الخلق .. ولسانه عن ذكره بذكرهم .. وجوارحه عن طاعته بطاعتهم وخدمتهم وتنفيذ أوامرهم .. فهو يكدح كدح الوحش والحيوان في خدمة غيره.

وسنة الله جارية أن كل من أعرض عن عبودية الله وطاعته ومحبته بُلي بعبودية المخلوق، ومحبته وخدمته وطاعته ولو كان في معصية الله، فهو إما عبد لخالقه ومولاه، أو عبد لهواه.

<<  <  ج: ص:  >  >>