للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكيف يكون ود من الله لعبده ولا تكون ضيافة؟.

وكيف تكون رحمة من الله لعبده ولا تكون طاعة من العبد لربه؟.

وفي العبادة تجرد لله من كل شيء، لتدريب النفس على عدم التعلق بأحد سوى الله.

وللعبودية منازل:

الأولى: اليقظة والانتباه من النوم، فإذا استنار قلبه بعد الانتباه أوجب له ملاحظة نعم الله الظاهرة والباطنة.

ثم شاهد عظمتها وكثرتها وتنوعها، ثم يئس من عدها، ثم شاهد منَّة الله بها من غير استحقاق ولا دفع ثمن، فيرى تقصيره في شكرها، فيلهج بذكر الله وحمده.

الثانية: مطالعة الجناية بالنظر إلى ما سلف من الإساءة، فيشمر لتخليص نفسه من رق الجناية بالاستغفار والندم، ويمحص نفسه من خبث الجناية بالتوبة والاستغفار، وفعل الحسنات الماحية.

الثالثة: الانتباه لمعرفة الزيادة والنقصان من الأيام، فيتدارك ما فاته في بقية عمره، ويستغل أوقاته فيما يقربه إلى الله عزَّ وجلَّ.

إن الإسلام ميلاد جديد للإنسان، يخضع فيه العبد لربه، ويتوجه إليه في جميع أحواله، ويمتثل أمر من خَلَقه، ويشكر من رَزَقه، ويتشرف بطاعته.

فالعبودية لله مرتبة عالية، ومنزلة سامية، ورتبة كريمة، ولا يأباها إلا كافر بنعمة الخلق والإنشاء.

والله سبحانه لا يريد من عباده أن يقروا له بالعبودية وأن يعبدوه وحده لأنه بحاجة إلى عبوديتهم وعبادتهم، ولا لأنها تزيد في ملكه تعالى، ولكنه سبحانه يريد لهم أن يعرفوا حقيقة الربوبية، وحقيقة الألوهية، وحقيقة العبودية.

فلا يمكن أن تستقر التصورات، ولا أن تستقر الحياة وتنتظم إلا بهذه المعرفة الشاملة.

يريد الله تبارك وتعالى أن يستقر الإيمان في نفوس الناس وفي حياتهم، ليخرجوا

<<  <  ج: ص:  >  >>