للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالذات، وربه غني بالذات، فلا يزال فقره يدعوه إليه، فإذا دامت استجابته لله بدوام الداعي لم تزل المحبة تنمو وتزيد، وإنما كانت هذه محبة العوام؛ لأن منشأها من الأفعال لا من الأسماء والصفات والجمال والجلال.

فلو قطع الإحسان من هذه القلوب لتغيرت، وذهبت محبتها أو ضعفت، فإن باعثها هو الإحسان، ومن وَدَّك لأمر ولّى عند انقضائه، وبتلك المحبة يتلذذ المحب بخدمة محبوبه.

وكلما كانت المحبة أقوى كانت لذة الطاعة والخدمة أكمل، فليزن العبد إيمانه ومحبته لله بهذا الميزان.

ولينظر هل هو متلذذ بخدمة محبوبه أو متكره لها يأتي بها على السآمة والملل والكراهة؟ فهذا محك إيمان العبد ومحبته لله عزَّ وجلَّ.

وبمحبة الله يسلو العبد عن المصائب، فإن المحب يتسلى بمحبوبه عن كل مصيبة يصاب بها دونه، فإذا سلم له محبوبه لم يبال بما فاته، فلا يجزع على ما ناله، فإنه يرى في محبوبه عوضاً عن كل شيء، ولا يرى في شيء غيره عوضاً عنه أصلاً.

فكل مصيبة عنده هينة إذا أبقت عليه محبوبه، فجميع المصائب لا يمكن دفعها بمثل محبة الله ومتابعة رسوله - صلى الله عليه وسلم -، فالمحبة أصل كل خير في الدنيا والآخرة.

وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «الْمَرْءُ مَعَ مَنْ أحَبَّ» متفق عليه (١).

والمحبة الصادرة من الناس خمسة أنواع:

أحدها: محبة الله، وهذه لا تكفي للنجاة من عذاب الله، فإن المشركين واليهود والنصارى يحبون الله.

الثاني: محبة ما يحب الله من الإيمان والأقوال والأعمال والطاعات والأخلاق والشرائع والأشخاص ونحوها.


(١) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (٦١٦٨)، واللفظ له، ومسلم برقم (٢٦٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>