للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[٤٠ - فقه الثقة بالله]

قال الله تعالى: {وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ (٧)} [القصص: ٧].

وقال الله تعالى: {وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (١٢٣)} [هود: ١٢٣].

الثقة بالله: خلاصة التوكل ولبه، كما أن سواد العين أشرف ما في العين، فالثقة كالروح، والتوكل كالبدن الحامل لها، ونسبتها إلى التوكل كنسبة الإحسان إلى الإيمان.

والثقة بالله على ثلاث درجات:

الأولى: أن يعلم الواثق بالله أن الله تعالى إذا حكم بحكم وقضى أمراً فلا مرد لقضائه، ولا معقب لحكمه.

فمن حكم الله به بحكم، وقسم له بنصيب من الرزق، أو الطاعة، أو العلم، أو غيره فلا بدَّ من حصوله له، ومن لم يقسم له ذلك فلا سبيل إليه البتة.

فإذا علم قعد عن منازعة الأقسام.

فما كان له منها فسوف يأتيه على ضعفه، وما لم يكن له منها فلن يناله بقوته، وبذلك يتخلص بالثقة بالله من قحة الإقدام، والجرأة على إقدامه على ما لم يحكم له به، ولا قسم له.

الثانية: درجة الأمن، وهو أمن العبد من فوت المقدور، فمن حصل له الإياس من منازعة الأقسام حصل له الأمن.

فمن عرف الله وعلم أن ما قضاه الله فلا مرد له البتة أمن من فوت نصيبه الذي قسمه الله له، وأمن من نقصان ما كتبه الله له، فيظفر بروح الرضا؛ لأن صاحب الرضا في راحة، ولذة وسرور.

فإن لم يحصل له هذا المقام ظفر بعين اليقين، وهو قوة الإيمان، فإن لم يحصل

<<  <  ج: ص:  >  >>