للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأظهر على أيديهم من بركات الدنيا والآخرة ما لم يظهره على يدي أهل بيت سواهم كما قال سبحانه: {أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا (٥٤)} [النساء: ٥٤].

ومن بركات الله تبارك وتعالى عليهم:

أن أعطاهم ما لم يعط غيرهم .. فمنهم من اتخذه خليلاً كإبراهيم ومحمد - صلى الله عليه وسلم - ومنهم الذبيح كإسماعيل - صلى الله عليه وسلم - ومنهم الكليم كموسى - صلى الله عليه وسلم - ومنهم من آتاه شطر الحسن كيوسف - صلى الله عليه وسلم - ومنهم من آتاه ملكاً لم يؤته أحداً من العالمين كسليمان - صلى الله عليه وسلم - ومنهم من رفعه مكاناً علياً .. وفضلهم على العالمين .. ورفع الله العذاب العام عن أهل الأرض بهم وببعثتهم .. فأهلكت الأمم السابقة التي عصت بعذاب الاستئصال كقوم نوح وعاد وثمود وقوم لوط، فلما أنزل الله التوراة والإنجيل والقرآن رفع الله بها العذاب العام عن أهل الأرض، وأمر بجهاد من خالفهم، وجعل محمداً - صلى الله عليه وسلم - سيد الأنبياء والرسل، وجعل أمته خير الأمم، واختار منهم السابقين والأولين، واختار منهم أهل بدر، وأهل بيعة الرضوان، واختار لهم من الدين أكمله، ومن الشرائع أفضلها، ومن الأخلاق أزكاها.

واختار أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - على سائر الأمم، وجعلهم خير أمة أخرجت للناس، ووهبهم من العلم والحلم ما لم يهبه لأمة سواها.

واختار سبحانه من الأماكن والبلاد والبقاع خيرها وأشرفها وهي البلد الحرام، وجعل فيها بيته المبارك، ومسجده الحرام، وجعله حرماً آمناً، لا يسفك فيه دم، ولا تعضد به شجرة، ولا ينفر له صيد، ولا يختلى خلاه، وجعل قصده مكفراً لما سلف من الذنوب، وسبباً لدخول الجنة كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «الْعُمْرَةُ إِلَى الْعُمْرَةِ كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُمَا، وَالْحَجُّ الْمَبْرُورُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إِلا الْجَنَّةُ» متفق عليه (١).

وجعل الله سبحانه الصلاة في المسجد الحرام بمائة ألف صلاة، فهو أفضل بقاع


(١) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (١٧٧٣) واللفظ له، ومسلم برقم (١٣٤٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>