للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والله جلَّ جلاله لا يحتاج إلى الشهود على العباد، لأنه على كل شيء شهيد.

قد شهد سبحانه لنفسه بأعظم شهادة في كتابه فقال: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (١٨)} ... [آل عمران: ١٨].

فسبحان الملك الرقيب الشهيد، الذي لا يعزب عنه شيء من مخلوقاته، ظاهرها وباطنها، كبيرها وصغيرها.

يرى مكانها .. ويسمع تسبيحها .. ويعلم أحوالها.

{تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا (٤٤)} ... [الإسراء: ٤٤].

وسبحان الشهيد الذي يرى الكون كله وهو مستو على عرشه، يرى الهباءة الطائرة .. والجبال الشاهقة .. ويرى الحيوانات، والنباتات، والذرات في قعر البحر الأسود.

ويرى سبحانه كل ذرة، وكل نبتة، وكل شجرة في العالم، في ظلمة الليل الأسود.

ويرى سبحانه أهل الطاعات وهم يطيعونه .. ويرى أهل المعاصي وهم يعصونه .. ويرى ويسمع دبيب النملة السوداء، على الصخرة الصماء، في الليلة الظلماء.

فسبحان: {الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (٩)} ... [البروج:٩].

واذا علم العبد أن الله هو الذي خلقه وصوره، وأسكنه في ملكه، وعافاه وأنعم عليه.

وعلم كذلك أن ربه يراه، ويسمع كلامه، ويعلم سره وعلانيته، هو أقرب إليه من نفسه.

إذا شهد هذا .. وهذا .. استحى من ربه أن يعصيه، وخاف من عقوبته، وأقبل على طاعته، لما يراه من عظمته، وجزيل إنعامه، وحسن إكرامه.

<<  <  ج: ص:  >  >>