للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بربوبيته .. وأثابهم وعاقبهم بملكه وعدله .. وكل واحدة من هذه الأمور لا تنفك عن الأخرى.

وأما الرحمة فهي السبب الذي بين الله وبين عباده.

فالتأليه منهم له .. والربوبية منه لهم .. والرحمة سبب واصل بين الله وبين عباده .. بها أرسل إليهم رسله .. وأنزل عليهم كتبه .. وبها هداهم .. وبها أسكنهم دار ثوابه .. وبها رزقهم وعافاهم وأنعم عليهم.

فبينهم وبينه سبب العبودية .. وبينه وبينهم سبب الرحمة .. وسع سبحانه كل شيء بربوبيته ورحمته كما قال سبحانه: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (٢) الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (٣) مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (٤)} ... [الفاتحة: ٢ - ٤].

وقال سبحانه: {رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا} [غافر: ٧].

ومن عرف ذلك لم يطلب غير الله رباً وإلهاً.

ومن رضي بالله رباً فقد ذاق طعم الإيمان كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ذَاقَ طَعْمَ الإِيمَانِ، مَنْ رَضِيَ بِاللهِ رَبّاً وَبِالإِسْلامِ دِيناً وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولا» أخرجه مسلم (١).

ومن رضي أمراً سهل عليه ما يترتب عليه، ومن عرف ما يطلب هان عليه ما يبذل، وكذا المؤمن إذا دخل قلبه الإيمان، سهلت عليه طاعة الله تعالى ولذت له.

والعالم الرباني هو الذي يحقق علم الربوبية .. فيعرف الله بذاته وأسمائه وصفاته وأفعاله .. ويعرف وعده ووعيده .. وآلاءه وإحسانه .. ثم يعرف أحكامه وشرعه.

يعمل بذلك .. ويعلِّمه .. ويدعو إليه .. ويربي الناس على مقدار ما يحتملونه .. فيبذل لخواصهم جوهره ومكنونه .. ويبذل لعوامهم ما ينالون به فضل الله ويدركونه.

وقد دعا الأنبياء والصالحون الله بهذا الاسم العظيم.


(١) أخرجه مسلم برقم (٣٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>