للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد تكفل الله سبحانه بنصر أوليائه على أعدائه في الدنيا والآخرة كما قال سبحانه: {إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ (٥١) يَوْمَ لَا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ (٥٢)} [غافر: ٥١، ٥٢].

وقد أوجب الله سبحانه على نفسه نصر المؤمنين على أعدائهم كما قال سبحانه: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ رُسُلًا إِلَى قَوْمِهِمْ فَجَاءُوهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَانْتَقَمْنَا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ (٤٧)} [الروم: ٤٧].

أما نصرة المؤمنين لربهم، فتكون بعبادته، والقيام بحقوقه، ورعاية عهوده، وامتثال أوامره، واجتناب نواهيه، والعمل بشرعه، والدعوة إليه، فإذا تم هذا جاء نصر الله لعباده المؤمنين كما قال سبحانه: {وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (٤٠) الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ (٤١)} [الحج: ٤٠، ٤١].

فهذه علامات من يستحق النصر، والتمكين، والاستخلاف.

وحقيقة النصر: المعونة بطريق التولي والمحبة، خص الله به الملائكة والرسل والمؤمنين لا غير.

والمعونة على الشر لا تسمى نصراً .. ولذلك لا يقال للكافر إذا ظفر بالمؤمن أنه منصور عليه .. بل يقال هو مسلط عليه عقوبة له .. أو تربية له كما قال سبحانه عن الكفار: {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ} [النساء: ٩٠].

والله عزَّ وجلَّ قادر على نصرة دينه، فهو الذي نصر عبده، وأعز جنده، وهزم الأحزاب وحده، وهو القوي القادر على كل شيء، ولكنه ابتلى ويبتلي عباده بذلك التسليط، ليظهر من ينصر دينه وشرعه ممن يتولى عن نصرته كما قال سبحانه: {ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ (٤)} [محمد: ٤].

وقد بين الله لعباده أنه لا ناصر لهم دونه، ولا معين لهم سواه، وذلك لتتوجه قلوبهم له، وأكفهم بالضراعة إليه، فهو الملك البر الرحيم، الذي يملك الخلائق

<<  <  ج: ص:  >  >>