للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كثيرة، فيباهي بشيوخه، ومنهم من يريد انتشار الصيت في البلاد لتكثر الرحلة إليه.

فهذه بعض ما يرائي به المراءون، وكلهم يطلبون بذلك الجاه والمنزلة في قلوب العباد، ومنهم من يريد الاشتهار عند الملوك لتقبل شفاعته، وتنجز الحوائج على يده، فيقوم له بذلك جاه عند العامة.

ومنهم من يقصد التوصل بذلك إلى جمع الحطام وكسب المال ولو من الأوقاف وأموال اليتامى وغير ذلك من الحرام.

وهؤلاء شر طبقات المرائين.

وأركان الرياء ثلاثة:

المراءى به .. والمراءى لأجله .. ونفس قصد الرياء.

أما نفس قصد الرياء.

فإن كان مراده الرياء لا الثواب فهذا ممقوت عند الله تعالى كمن يصلي بين أظهر الناس ولو انفرد لكان لا يصلي، بل ربما يصلي من غير طهارة على الناس، ومثله من يتصدق خوفاً من مذمة الناس لا رغبة في الثواب، ولو خلا بنفسه لما أداها، فهذه الدرجة أغلظ درجات الرياء وأعلاها وأخطرها.

وإن قصد الثواب لكن قصده ضعيف، بحيث لو كان في الخلوة لكان لا يفعله، فهذا قريب مما قبله، وما فيه من شائبة قصد ثواب لا يستقل بحمله على العمل لا ينفي عنه المقت والإثم.

وإن قصد الثواب وقصد الرياء سواء، بحيث لو كان كل واحد منهما خالياً عن الآخر لم يبعثه على العمل، فلما اجتمعا انبعثت الرغبة، فهذا قد أفسد مثل ما أصلح، وظواهر الأخبار تدل على أنه لا يسلم من العقاب.

وإن كان اطلاع الناس مرجحاً ومقوياً لنشاطه، ولو لم يكن لا يترك العبادة فهذا قد لا يحبط أصل الثواب، ولكنه يُنقص منه، أو يعاقب على مقدار الرياء، ويثاب على مقدار قصد الثواب.

<<  <  ج: ص:  >  >>