للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مكاره الأمور، فلا انقطاع لنعيمهم ولا كدر ولا تنغيص.

ذلك يوم الخلود الذي لا زوال له ولا موت، ولا شيء من المكدرات، ولهم فيه كل ما يشاؤون ويحبون من الملاذ والشهوات، ويزيدهم فوق ذلك أفضل نعيم وأكمله، وهو التمتع بالنظر إلى وجه الله الكريم، والفوز برضاه، والتلذذ بسماع كلامه.

وقد جمع الله لأهل الجنة بين نوعي الزينة الظاهرة من اللباس والحلي، كما جمع لهم بين الزينة الظاهرة والباطنة، فجمَّل البواطن وأكمل لذتها بالشراب الطهور، وجمل السواعد بالأساور والحلي، وجمل الأبدان بثياب الحرير والسندس والإستبرق كما قال سبحانه: {عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُنْدُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِنْ فِضَّةٍ وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا (٢١) إِنَّ هَذَا كَانَ لَكُمْ جَزَاءً وَكَانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُورًا (٢٢)} [الإنسان: ٢١، ٢٢].

والله تبارك وتعالى هو الرحمن الذي لا أرحم منه، الكريم الذي لا أكرم منه، ومن رحمته وكرمه أن أرسل رسله بدينه وشرعه الذي يصلهم بربهم، ويسعدهم في دنياهم وأخراهم.

والله سبحانه يغار على خلقه وعباده أن يصرفهم الشيطان عن دينهم .. ويغار على قلب عبده أن يكون معطلاً من الإيمان والتوحيد، ومن حبه وخوفه ورجائه، وأن يكون فيه غيره، فالله سبحانه خلق الآدمي لنفسه واختاره من بين خلقه، ويغار على لسان عبده أن يتعطل من ذكره، ويشتغل بذكر غيره.

ويغار على جوارحه أن تتعطل من طاعته، وتشتغل بمعصيته، فيقبُح بالعبد أن يغار مولاه الحق على قلبه ولسانه وجوارحه وهو لا يغار عليها.

والله حكيم عليم إذا أراد بعبده خيراً سلَّط على قلبه إذا أعرض عنه واشتغل بحب غيره أنواع العذاب حتى يرجع قلبه إليه.

وإذا اشتغلت جوارحه بغير طاعته ابتلاها بأنواع البلاء، وهذا من غيرته سبحانه وتعالى على عبده.

<<  <  ج: ص:  >  >>