للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العرش، ولهم زجل بالتسبيح والتحميد، والتقديس والتكبير.

ويرى الملك العظيم الجبار، الكريم الرحمن، مستو على عرشه، والأوامر تنزل من عنده بتدبير الممالك والجنود والخلائق التي لا يعلمها ولا يحصيها إلا ربها ومليكها.

فينزل الأوامر بإحياء قوم .. وإماتة آخرين .. وإعزاز قوم .. وإذلال آخرين .. وإنشاء ملك .. وسلب ملك .. وجبر كسير .. وإغناء فقير .. وشفاء مريض .. وإغاثة ملهوف .. ونصر مظلوم .. وهداية حيران .. وتفريج كرب .. ومغفرة ذنب .. وكشف ضر .. وتحويل نعمة من محل إلى محل .. وغير ذلك.

فهي مراسيم دائرة بين العدل والفضل، والحكمة والرحمة، تنفذ في أقطار العوالم، لا يشغله شيء منها عن شيء، ولا تغلطه كثرة المسائل والحوائج، ولا ينقص الإنفاق ذرة من خزائنه، لا إله إلا هو العزيز الحكيم.

وينظر إلى أمره يتنزل بين السموات والأرض، وفي كل سماء من سمواته السبع، خلق من خلقه .. وأمر من أمره .. وقضاء من قضائه.

خلق سبحانه سبع سموات، بين كل سماء وسماء خمسمائة عام، وأمره ينزل بين كل سماء وسماء، وبين الأرض والسماء: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا (١٢)} [الطلاق: ١٢].

فإذا رأى القلب هذا .. ورأى حملة العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويؤمنون به .. ورأى الملائكة يطوفون بالبيت المعمور .. ورأى كل سماء مملوءة بالركع السجود من الملائكة .. ورأى قدرة الله تمسك السماء أن تزول أو تقع عل الأرض .. ورأى هذا الملكوت العظيم.

فحينئذ يقوم القلب بين يدي الرحمن مطرقاً لهيبته، خاشعاً لعظمته، ذليلاً لعزته، فيسجد بين يدي الرحمن، الملك الحق المبين، سجدة لا يرفع رأسه منها إلى

<<  <  ج: ص:  >  >>