للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- صلى الله عليه وسلم -.

وآدم وزوجه لما أكلا من الشجرة التي نهاهما الله عن الأكل منها، بدت لهما عوراتهما كما قال سبحانه: {فَأَكَلَا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ} [طه: ١٢١].

وفي هذا إشارة إلى أن الدين حين يخالف تبدو عورات الناس، فلا عورة في مجتمع إلا إذا كان هناك أمر من أوامرالله قد خولف.

ولما عصى آدم ثم تاب وتاب الله عليه، أهبطه الله إلى الأرض، للقيام بالخلافة، وتنفيذ أوامر الله، وأهبط معه إبليس.

ثم بدأ المنهج الإلهي في الأرض كما قال سبحانه: {قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى (١٢٣) وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى (١٢٤)} [طه: ١٢٣، ١٢٤].

ومعصية آدم ذكرها الله سبحانه بقوله: {وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى (١٢١)} [طه: ١٢١].

والعصيان قد يكون عمداً فيكون ذنباً .. وقد يكون خطأ أو نسياناً فيكون زلة .. وهذه معصية آدم: {فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا} [البقرة: ٣٦].

ومما يدل على أن معصية آدم لم تكن عمداً ولا قصداً، بل نسياناً قوله سبحانه: {وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا (١١٥)} [طه: ١١٥].

ومن ثم فلا مؤاخذة، لأن الله لا يؤاخذ على الخطأ والنسيان.

وإنما اعتبر القرآن النسيان معصية لآدم، فذلك لمقام آدم الذي خلقه الله بيده، ونفخ فيه من روحه، وأسجد له ملائكته، وأسكنه جنته، وعلمه الأسماء كلها.

والذي شأنه هكذا، يجب أن يكون يقظاً كأقوى ما يكون، بحيث لا ينسى وصاية الله له.

ولما علم الله منه أن معصيته لم تكن بسبب الكبْر، بل بسبب الغفلة والنسيان، والشهوة وإغواء الشيطان، ألهمه الله التوبة، وتاب عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>