للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أوْ كَانَ مِمَّنِ اسْتَثْنَى اللهُ» متفق عليه (١).

وقد وصف الله النفس بالدخول والخروج، والقبض والتوفي، والرجوع والصعود إلى السماء كما قال سبحانه: {يَاأَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ (٢٧) ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً (٢٨) فَادْخُلِي فِي عِبَادِي (٢٩) وَادْخُلِي جَنَّتِي (٣٠)} [الفجر: ٢٧ - ٣٠].

والروح تعاد إلى الميت في قبره وقت سؤال الملكين له في القبر.

من ربك؟، ما دينك؟، من نبيك؟.

والروح تتعلق بالبدن، وإن بلي وتمزق، ولكنها لا تستقر فيه.

وسر ذلك أن الروح لها مع البدن خمسة أحوال:

أحدها: تعلقها بالجنين في بطن أمه.

الثاني: تعلقها بالبدن بعد خروجه إلى الأرض.

الثالث: تعلقها بالبدن في حال النوم، فلها به تعلق من وجه، ومفارقة من وجه.

الرابع: تعلقها به في البرزخ، فإنها وإن فارقته وتجردت عنه، فإنها لم تفارقه فراقاً كلياً، بحيث لا يبقى لها التفات إليه البتة، فترد إليه عند السؤال في القبر، ووقت سلام المسلم عليه، وهذا الرد لا يوجب حياة البدن قبل يوم القيامة.

الخامس: تعلقها به يوم القيامة، وهو أكمل أنواع تعلقها، ولا نسبة لما قبله من أنواع التعلق إليه.

والنبي - صلى الله عليه وسلم - رأى الأنبياء في السموات، ورأى موسى - صلى الله عليه وسلم - يصلي في قبره، ورآه في السماء السادسة، ورأى إبراهيم - صلى الله عليه وسلم - في السماء السابعة مسنداً ظهره إلى البيت المعمور، وقبورهم وأبدانهم في الأرض، ولا تنافي في ذلك.

فإن الروح كانت هناك في السماء، ولها اتصال بالبدن في القبر، وإشراف عليه، وتعلق به، بحيث يصلي في قبره، ويرد السلام، وهي في الرفيق الأعلى، ولا تنافي بين الأمرين.


(١) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (٢٤١١) واللفظ له، ومسلم برقم (٢٣٧٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>