للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْقَرَارُ (٢٩) وَجَعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعُوا فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ (٣٠)} [إبراهيم: ٢٨ - ٣٠].

ونعمة الإسلام هي النعمة الكبرى التي يفرح بها المؤمنون كما قال سبحانه: {قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ (٥٨)} [يونس: ٥٨].

أما النعمة الثانية: فهي النعمة المقيدة، وهذه النعمة مشتركة بين المؤمن والكافر، والبر والفاجر، بأشكالها وأنواعها كنعمة الصحة والغنى، والأمن والرخاء، ونعمة الولد والزوجة الحسناء، ونحو ذلك.

وأفضل النعمتين نعمة الإيمان.

وما يصيب الإنسان إن كان يسره فهو نعمة بينة.

وإن كان يسوؤه فهو نعمة من جهة أنه يكفر خطاياه، ويثاب بالصبر عليه، ومن جهة أن فيه حكمة ورحمة لا يعلمها.

وهاتان النعمتان تحتاجان مع الشكر إلى الصبر.

أما نعمة الضراء فاحتياجها إلى الصبر ظاهر.

وأما نعمة السراء فتحتاج إلى الصبر على الطاعة فيها ومعها، فإن فتنة السراء أعظم من فتنة الضراء.

والعبد مأجور في كلتا الحالتين كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «عَجَباً لأمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ، وَلَيْسَ ذَاكَ لأحَدٍ إِلا لِلْمُؤْمِنِ إِنْ أصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ، فَكَانَ خَيْراً لَهُ وَإِنْ أصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ، فَكَانَ خَيْراً لَهُ» أخرجه مسلم (١).

ومحبة النعم .. ومحبة المنعم .. بينهما كما بين المشرق والمغرب.

فالمؤمن عند النعم يذكر المنعم، ويتوجه إليه بالعبودية بالذكر والحمد والشكر.

والكافر يشتغل بالنعم عن المنعم، لأنه يعرف قدر النعم، ولا يعرف قدر المنعم.

ولو أن ملكاً عظيماً أهدى لأحد جوهرة نفيسة مثلاً، فإنه سيكون لها نوعان من


(١) أخرجه مسلم برقم (٢٩٩٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>