للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأعظم الحرمان أن يعزف العبد عن العمل الصالح، وأن تموت عنده الغيرة على الدِّين الذي تُنحر أحكامه، ويُهدم بنيانه في كثير من البلاد.

وأشد من هذا وذاك أن يستهلك أوقاته بضده، ويصد عن سبيل الله بقوله وفعله.

وأخطر من هذا وذاك أن يرى الحق باطلاً، والباطل حقاً، ويبذل كل ما يملك في سبيل نشر ما يراه، وما يدعوه إليه هواه. وقد جاء الثقب الأسود في جدار الدين في وقت مبكر، فهبت عليه العواصف، وتسللت إليه السباع، ودخلت في حصنه الذئاب، وعاثت في الأرض فساداً، فتغيرت الألوان والأفكار، والأعمال والأحوال.

ثم اتسع هذا الثقب، ونزف هذا الجرح، حتى صار المسلمون محل الشفقة، ومهبط الإغاثة، ومسرح الظلم، ومأوى الجهل، وميدان الفساد، ومكان السخرية.

ونُزع الإيمان والحياء من حياة كثير من الناس، وصُرفت الأمة بحيل ماكرة عن مصدر عزها ومجدها، ووضع الأعداء لها مائدة السموم والفواحش، فقعد رجالها ونساؤها على موائد المحرمات، وصارت تغرف لها ولغيرها كل شر وسم ومحرم، فاعتل جسدها، وتمزقت شعوبها وبلادها.

وظلت تستخدم عقولها في الظلم والكذب والحيل الماكرة، وتستهلك أوقاتها في قضاء شهواتها، وتلتهم كسبها من أوسع أبواب المحرمات.

ولما انفصلت عن مصدر عزها تعرضت لسخط ربها، وصارت لقمة سائغة بيد عدوها.

فما أشد لطمة الأعداء لهذه الأمة الغافلة المسكينة. إنهم يريدون منها أن تخلع لباس الإيمان والتقوى .. وأن تلبس لباس الكفر والمعاصي .. وتركع لشهواتها لا لربها .. وتسجد لهواها لا لإلاهها .. وتصلح الدنيا وتفسد الآخرة .. وتطيع

<<  <  ج: ص:  >  >>