للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يوم الجمعة على كل محتلم، وسواك، ويمس من الطيب ما قدر عليه" (١).

وفي حديث ابن عباس المتقدم في غسل الجمعة: "فمن جاء الجمعة ليغتسل، وإن كان طيب فيمس منه، وعليكم بالسواك".

[الحكم الرابع الطيب يوم الجمعة]

إن الطيب من حسن الهيئة وجمال المظهر، وطيب الرائحة أمر مرغوب فيه، وقد تقدم من الأحاديث ما يفيد تأكيد استعمال الطيب يوم الجمعة مهما كان قليلًا، وقد ورد -أيضًا- في بعض الأحاديث: "وأن يمس طيبًا إن وجد" (٢).

فعلى المسلم أن يستعد بالطيب ليوم الجمعة، ليرتاح الناس بجواره، ويظهر المسجد بالمظهر الطيب، ولا يتم ذلك إلا بامتثال جميع الناس، قال القرطبي: (وآداب الجمعة ثلاث: الطب، والسواك، واللباس الحسن. ولا خلاف فيه لورود الآثار بذلك) (٣).

قال القاضي عياض: (قوله: "ويمس من الطيب مما قدر عليه": يحتمل لتكثيره، ويحتمل لتأكيده مما وجده من طيب، وبدليل قوله: "ولو من طيب المرأة" يريد المكروه للرجال، وهو ما ظهر لونه، فأباحه هنا؛ لعدم غيره، وللضرورة إليه، وهذا يدل على تأكيده) (٤).

[الحكم الخامس المبادرة إلى حضور المسجد:]

وعلى المصلي أن يبادر إلى الحضور؛ للثواب العظيم المرتب على ذلك في جميع الصلوات، وفي الجمعة فضائل خاصة حسب الأول فالأول.

وقد دلّ على ذلك ما رواه أبو هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: "من اغتسل يوم الجمعة ثم راح في الساعة الأولى فكأنما قرب بدنة، ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرب بقرة ومن راح في الساعة الثالثة فكأنما قرب كبشًا أقرن، ومن راح في الساعة الرابعة فكأنما قرب دجاجة، ومن راح في الساعة الخامسة فكأنما قرب بيضة، فإذا خرج الإمام حضرت الملائكة يستمعون الذكر وفي رواية لمسلم: "فإذا جلس الإمام طووا الصحف، وجاءوا يستمعون الذكر" (٥).

واعلم أن المراد بالساعة في هذا الحديث: الزمن، لا الساعة المعروفة، وفي هذا الحديث خمس ساعات ما بين طلوع الشمس وخروج الإمام، فيقسم الزمن صيفًا أو شتاء على خمس ساعات، ويعرف مقدار كل ساعة من هذه الساعات الخمس (٦).

والمراد بطي الصحف: طي صحف الفضائل المتعلقة بالمبادرة على الجمعة، دون غيرها من سماع


(١) رواه مسلم برقم (٧/ ٨٤٦)، وانظر فتح الباري (٢/ ٣٦٤).
(٢) أخرجه البخاري (٨٨٠) ومسلم (٧/ ٨٤٦).
(٣) بداية المجتهد (١/ ٢٠٦).
(٤) إكمال المعلم (٣/ ٢٣٦).
(٥) أخرجه البخاري (٨٤١)، ومسلم (٨٥).
(٦) انظر فتح الباري (٢/ ٣٦٨، ٣٦٩)، والمجموع شرح المهذب (٤/ ٥٤١).

<<  <   >  >>