للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الذي انتقلت إليه في إقرارها عليه, ففي حلها أولى".

وقال في باب المرتد ٨/ ١٣٠: "وإن تزوج لم يصح تزوجه؛ لأنه لا يقر على النكاح, وما منع الإقرار على النكاح منع انعقاده كنكاح الكافر المسلمة".

فأنت ترى أنه صرح بتحريم نكاح المرتدة, وأن نكاح المرتد غير صحيح, فماذا يكون لو حصلت الردة بعد العقد؟

قال في المغني ٦/ ٢٩٨:"إذا ارتد أحد الزوجين قبل الدخول انفسخ النكاح في الحال, ولم يرث أحدهما الآخر، وإن كانت ردته بعد الدخول ففيه روايتان: إحداهما: تتعجل الفرقة. والثاني: تقف على انقضاء العدة".

وفي المغني ٦/ ٦٣٩:" أن انفساخ النكاح بالردة قبل الدخول قول عامة أهل العلم, واستدل له. وفيه أيضًا أن انفساخه في الحال إذا كان بعد الدخول قول مالك وأبي حنيفة, وتوقفه على انقضاء العدة قول الشافعي.

وهذا يقتضي أن الأئمة الأربعة متفقون على انفساخ النكاح بردة أحد الزوجين, لكن إن كانت الردة قبل الدخول انفسخ النكاح في الحال, وإن كانت بعد الدخول فمذهب مالك وأبي حنيفة الانفساخ في الحال, ومذهب الشافعي الانتظار إلى انقضاء العدة, وعن أحمد روايتان كالمذهبين.

وفي ص ٦٤٠ منه: "وإن ارتد الزوجان معًا, فحكمهما حكم ما لو ارتد أحدهما, إن كان قبل الدخول تعجلت الفرقة, وإن كان بعده فهل تتعجل أو تقف على انقضاء العدة على روايتين. وهذا مذهب الشافعي" ثم نقل عن أبي حنيفة أن النكاح لا ينفسخ استحسانًا, لأنه لم يختلف بهما الدين, فأشبه ما لو أسلما, ثم نقض صاحب المغني قياسه طردًا وعكسًا.

وإذ تبين أن نكاح المرتد لا يصح من مسلم سواء كان أنثى أم رجلًا, وأن هذا مقتضى دلالة الكتاب والسنة, وتبين أن تارك الصلاة كافر بمقتضى دلالة الكتاب والسنة وقول عامة الصحابة؛ تبين أن الرجل إذا كان لا يصلي وتزوج امرأة مسلمة, فإن زواجه غير صحيح, ولا تحل له المرأة بهذا العقد, وأنه إذا تاب إلى الله تعالى ورجع إلى الإسلام وجب عليه تجديد العقد. وكذلك الحكم لو كانت المرأة هي التي لا تصلي.

وهذا بخلاف أنكحة الكفار حال كفرهم, مثل أن يتزوج كافر بكافرة, ثم تسلم الزوجة فهذا إن كان إسلامها قبل الدخول انفسخ النكاح, وإن كان إسلامها بعده لم ينفسخ النكاح, ولكن ينتظر فإن أسلم الزوج قبل انقضاء العدة فهي زوجته, وإن انقضت العدة قبل إسلامه فلا حق له فيها, لأنه تبين أن النكاح قد انفسخ منذ أن أسلمت.

وقد كان الكفار في عهد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يسلمون مع زوجاتهم, ويقرهم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على أنكحتهم, إلا أن يكون سبب التحريم قائمًا, مثل أن يكون الزوجان مجوسيين وبينهما رحم محرم, فإذا أسلما حينئذ فرق بينهما لقيام سبب التحريم.

وهذه المسالة ليست كمسألة المسلم الذي كفر بترك الصلاة, ثم تزوج مسلمة, فإن المسلمة لا تحل للكافر بالنص والإجماع كما سبق ولو كان الكافر أصليًا غير مرتد, ولهذا لو تزوج كافر مسلمة فالنكاح باطل, ويجب التفريق بينهما, ولو أسلم وأراد أن يرجع إليها لم يكن له ذلك إلا بعقد جديد.

٧ - حكم أولاد تارك الصلاة من مسلمة تزوج بها:

فأما بالنسبة للأم فهم أولاد لها بكل حال.

وإما بالنسبة للزوج فعلى قول من لا يرى كفر تارك الصلاة فهم أولاده يلحقون به بكل حال؛

<<  <   >  >>