للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

النصارى (١).

٧ - ومن المخالفات أيضًا: الجهر بالقراءة في المسجد مما يُسبب إخلالًا لصلاة المصلي وقراءة القارئ.

سُئل شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى-: عن مسجد يقرأ فيه القرآن والتلقين بكرة وعشية ثم على باب المسجد شهود يكثرون الكلام ويقع التشويش على القراء، فهل يجوز ذلك أم لا؟

فأجاب -رحمه الله تعالى- بقوله: ليس لأحد أن يؤذي أهل المسجد أو أهل الصلاة أو القراءة أو الذكر أو الدعاء ونحو ذلك مما بُنيت المساجد له، فليس لأحد أن يفعل في المسجد ولا على بابه أو قريبًا منه ما يشوش على هولاء، بل قد خرج النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- على أصحابه وهم يصلون ويجهرون بالقراءة فقال: "أيها الناس، كلكم يناجي ربه، فلا يجهر بعضكم على بعض بالقراءة".

فإذا كان قد نهى المصلي أن يجهر على المصلي، فكيف بغيره؟ ومن فعل ما يشوش به على أهل المسجد أو فعل ما يفضي إلى ذلك منع من ذلك، والله أعلم.

٨ - ومن المخالفات: البزاق في المسجد، وقد تقدم آنفًا بعض الأدلة على المنع من ذلك، ويُضاف هنا ما رواه البخاري عن أنس -رضي الله تعالى عنه- قال: قال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- "البزاق في المسجد، وكفارتها دفنها"، ولفظ مسلم: "التفل" وهو أخف من البزاق.

قال القاضي عياض: إنما يكون خطيئة إذا لم يدفنه، وأما من أراد دفنه فلا.

قال شيخنا عبد الله بن جبرين -حفظه الله تعالى-: لعل هذه الملاحظة مفقودة أو قليلة في هذه الأزمنة، فإن المساجد مفروشة مبلطة وبها مناديل وقد فقه الناس حرمتها ومن فيها إلا ما شاء الله.

قال الإمام النووي -رحمه الله تعالى- في رياض الصالحين:

والمراد بدفنها إذا كان المسجد ترابًا أو رملًا فيواريها تحت ترابه، قال أبو المحاسن الروياني في كتابه "البحر": وقيل المراد بدفنها إخراجها من المسجد، أما إذا كان المسجد مبلطًا أو مُجصصًا فدلكها عليه بمداسه أو بغيره كما يفعله كثير من الجاهلين فليس ذلك بدفن بل زيادة في الخطيئة وتكثير للقذر في المسجد، وعلى من فعل ذلك أن يمسحه بعد ذلك بثوبه أو بيده أو غيره أو يغسله. انتهى من رياض الصالحين.

٩ - ومن المخالفات أيضًا: الجلوس في المسجد بدون أداء تحيته.

وعن ابن قتادة -رضوان الله تعالى عنه- أنه دخل المسجد فوجد النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جالسًا بين أصحابه فجلس معهم، فقال: "ما منعك أن تركع؟ " قال: رأيتك جالسًا والناس جلوس، قال: "فإذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يركع ركعتين". أخرجه البخاري بدون القصة وهو رواية مسلم.

ويرد هنا مسائل:

المسألة الأولى: لو جلس قبل أن يصلي لنسيان، فعليه في هذه الحالة أن يقوم ويأتي بالتحية. ويدل لذلك حديثان:

الأول: عن جابر بن عبد الله -رضي الله تعالى عنهما- قال جاء سُليك الغطفاني يوم الجمعة ورسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قائم على المنبر فقعد سُليك قبل أن يُصلي فقال: "أصليت ركعتين؟، فقال: لا، فقال:


(١) حجاب المرأة المسلمة للألباني: (ص: ٨٣، ٨٤).

<<  <   >  >>