للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعن عطاء بن يسار قال: رأيت رجالًا من أصحاب رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يجلسون في المسجد وهم مجنبون إذا توضئوا وضوء الصلاة (١).

وأما الحائض -ومثلها النفساء- فليس في منعها من المسجد إلا حديث عائشة -المتقدم- والأحوط ألا تلبث في المسجد إلا لضرورة -كما قال ابن تيمية- كما لو خافت على نفسها أو كان البرد شديدًا أو كان فيه مطر أو نحو ذلك (٢). ويدخل في حكم المسجد ساحته، ومكتبة المسجد -على ما تقدم في أول الكتاب- فلا تلبث فيها الحائض لاستماع محاضرة أو درس أو نحو ذلك؛ لأن لها حكم المسجد. والله أعلم.

[أحكام حضور المسجد]

وفيه خمسة وعشرون حكمًا:

[الحكم الأول تعاهد النعلين]

كل مسلم مطالب بنظافة المسجد كنظافة منزله بل أشد، فتصان المساجد عن كل وسخ وقذر، وكل رائحة كريهة، ويتعين في حق داخل المسجد أن يتعاهد نعله عند إرادة دخول المسجد؛ لإزالة ما علق بها من أذى يكون سببًا في نجاسة المسجد إذا تساقط فيه، ولا ريب أن ساحة المسجد ورحبته في حكم المسجد، ويكثر كونها طريقًا إلى الجزء الداخلي من المسجد، ومن هنا يتعين الاهتمام بها وصيانتها من أذى النعلين.

وقد ورد عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: بينما رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يصلي بأصحابه إذ خلع نعليه فوضعهما عن يساره، فلما رأى ذلك القوم ألقوا نعالهم، فلما قضى رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صلاته قال: "ما حملكم على إلقائكم نعالكم؟ " قالوا: رأيناك ألقيت نعليك فألقينا نعالنا، فقال رسول الله إلى: "إن جبريل -عليه السلام- أتاني فأخبرني أن فيها قذرًا -أو قال:- أذى" وقال: "إذ جاء أحدكم إلى المسجد فلينظر، فإن رأى في نعيه قذرًا أو أذى فليمسحه ويصلّ فيهما" (٣).

فهذا الحديث دلّ على مسائل:

الأولى: مشروعية الصلاة في النعال، وأن الصحابة -رضي الله عنهم- كانوا يصلون في نعالهم، وفي هذا مخالفة لليهود، فإنهم لا يصلون في نعالهم.

وقد دلّ على مشروعية الصلاة بالنعال نصوص كثيرة منها:

ما رواه أبو مسلمة سعيد بن يزيد الأزدي قال: سألت أنس بن مالك: أكان النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يصلي في نعليه؟ قال: نعم (٤).


(١) عزاه في "إعلام الساجد" ص (٣١٥)، إلى مسند أحمد ومسند سعيد بن منصور، وقال: هنا إسناد على شرط مسلم.
وكنا عزاه إلى الثاني فقط المجد في المنتقى (١/ ٣٩٩)، وساقه بإسناده.
(٢) مجموع الفتاوى (٢٦/ ١٧٧).
(٣) أخرجه أبو داود (٢/ ٣٥٣)، وإسناده صحيح على شرط مسلم، كما في "مشكاة المصابيح" بتحقيق الألباني (١/ ٢٣٨)، وله شاهد من حديث أنس -رضي الله عنه- أخرجه الحاكم (١/ ٢٣٥)، والبيهقي (٢/ ٤٠٤)، وغيرهما. وهو حديث صحيح على شرط البخاري كما قال الحاكم.
(٤) أخرجه البخاري (٣٨٦)، ومسلم (٥٥٥).

<<  <   >  >>