للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال الشوكاني: (فيه أن اتخاذ السترة واجب) (١).

وعن سهل بن أبي حثمة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "إذا صلى أحدكم فليصل إلى سترة، وليدن منها، لا يقطع الشيطان عليه صلاته" (٢).

وعن سبرة بن معبد الجهني -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "إذا صلى أحدكم فليستتر لصلاته ولو بسهم" (٣).

والسهم: عود من الخشب يسوّى، في طرفه نصل يرمى به عن القوس، ويبلغ طوله فترًا تقريبًا، والفتر: بالكسر، ما بين طرف الإبهام وطرف السبابة بالتفريج المعتاد (٤)، ويقدر بحوالي ستة عشر سنتًا.

وعن ابن عمر -رضي الله عنهما-: أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كان إذا خرج يوم العيد أمر بالحربة فتوضع بين يديه، فيصلي إليها والناس وراءه، وكان يفعل ذلك في سفره، فمن ثمّ اتخذها الأمراء (٥).

والحربة: آلة قصيرة من الحديد، محددة الرأس، تستعمل في الحرب (٦).

وعن عون بن أبي جحيفة قال: سمعت أبي: أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صلى بالبطحاء وبين يديه عنزة الظهر ركعتين، والعصر ركعتين، يمر بين يديه المرأة والحمار، وفي رواية: يمر من ورائها المرأة والحمار والكلب (٧).

والعنزة: أطول من العصا، وأقصر من الرمح، في أسفلها زج كزج الرمح، يتوكأ عليها الشيخ الكبير (٨).

وعن أبي ذر -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "إذا قام أحدكم يصلي فإنه يستره إذا كان بين يديه مثل آخرة الرحل، فإذا لم يكن بين يديه مل آخرة الرحل فإنه يقطع صلاته الحمار والمرأة والكلب الأسود" (٩).

قال النووي: (آخرة الرحل: بهمزة ممدودة، وكسر الخاء، وهي العود الذي في آخر الرحل). اهـ (١٠).

والرحل: هو المعروف عند أهل الإبل بالشداد، وهو المركب المعد للراكب، يكون من الخشب، وفي آخره خشبة يستند إليها الراكب.

فهذه النصوص دليل صريح على مشروعية اتخاذ السترة عند الصلاة، سواء كان ذلك في المسجد، أو المنزل، أو في الصحراء.


= في "صحيح الجامع" (٦٥٤، ٦٦٤).
(١) نيل الأوطار (٣/ ٢)، وانظر السيل الجرار للشوكاني (١/ ١٧٦).
(٢) أخرجه أبو داود (٢/ ٣٨٨)، وصححه ابن خزيمة (٢/ ٢٧)، والنووي في المجموع (٣/ ٨).
(٣) أخرجه أحمد (٣/ ٤٠٤)، والطبراني في الكبير (٧/ ١١٤)، وابن خزيمة (٢/ ١٣)، وإسناده حسن.
(٤) لسان العرب (١٢/ ٣٠٨)، (٥/ ٤٤)، والمعجم الوسيط (١/ ٤٥٩)، وانظر: "الحرف والصناعات في الحجاز" ص (٢١٢).
(٥) أخرجه البخاري (١/ ٥٧٣)، ومسلم (٤/ ٤٦٤).
(٦) المعجم الوسيط (١/ ١٦٤)، وانظر: "الحرف والصناعات في الحجاز" ص (٢١٨).
(٧) أخرجه البخاري (١/ ٥٧٣)، ومسلم (٤/ ٤٦٤).
(٨) المعجم الوسيط (٢/ ٦٣١).
(٩) أخرجه مسلم (٤/ ٤٧٣).
(١٠) شرح النووي على مسلم (٤/ ٤٦٢).

<<  <   >  >>