للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

غيرك" (١)، أو يقول: (اللهم باعد يني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم نقني من خطاياي كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم اغسلني من خطاياي بالماء والثلج والبرد" (٢)، أو غير ذلك إحياء للسنة، وهو أحضر للقلب، وأدعى لفهم ما يقول (٣).

ثٍم يستعيذ للقراءة، والاستعاذة سنة؛ ثم يبسمل، وهي سنة أيضًا، ثم يقرأ الفاتحة سواء كان إمامًا أو مأمومًا أو منفردًا، وسواء كانت الصلاة سرية أو جهرية، فيقرأ المأموم الفاتحة ولو في أثناء جهر الإمام بالقراءة (٤)؛ لأن الفاتحة ركن لا تصح الصلاة إلا بها، إلا المسبوق إذا أدرك الإمام في الركوع فقد أدرك الركعة، وتسقط عنه الفاتحة -كما تقدم-.

ويجب أن تكون قراءة الفاتحة في حال القيام، فإن قرأ شيئًا منها قبل أن يقوم إلى الركعة الثانية بلا عذر لم تصح" (٥).

ولا بد أن يقرأ الفاتحة تامة متوالية، مع تشديداتها، فإن أسقط منها حرفًا أو لحن فيها لحنًا يغير المعنى لم تصح، وإذا انتهى من قراءتها قال: آمين. والسنة أن يكون تأمين المأموم مع تأمين الإمام -كما تقدم أيضًا-، ثم يقرأ ما تيسر من القرآن، وإن كان مأمومًا قرأ بقدر إطالة الصلاة -كالظهر مثلًا-؛ لأن الصلاة ليس فيها سكوت إلا فبحال جهر الإمام.

ثم يسكت بعد قراءته سكتة لطيفة، ثم يركع رافعًا يديه -كما تقدم-، والمجزئ من الركوع هو الانحناء بحيث يمكنه مسّ ركبتيه بيديه (٦).

والركوع الموافق للسنة ما اجتمع فيه أربع صفات:

الأولى: أن يمد ظهره ويبسطه فلا يقوسه ولا يهصره بحيث ينزل وسطه.

الثانية: أن يجعل رأسه حيال ظهره، فلا يرفعه ولا يخفضه (٧).

الثالثة: أن يضع كفيه على ركبتيه، مفرّجتي الأصابع، قابضًا بهما على ركبتيه.

الرابعة: أن يجافي مرفقيه عن جنبه ما لم يؤذ أحدًا، وإلا ترك ذلك (٨)، ثم يقول: سبحان ربي العظيم (٩). والواجب مرة واحدة، والأفضل الإكثار من التسبيح على مقدار تطويل الصلاة (١٠)، إلا إذا كان


(١) أبو داود (٧٧٥)، والترمذي (٢٤٢)، والنسائي (٢/ ١٣٢)، وابن ماجه (٨٠٦)، والحاكم (١/ ٢٣٥)، وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي.
وفي رفع هذا الحديث مقال لأهل العلم، وقد صح عن عمر موقوفًا، وله حكم الرفع. وقد اختار الإمام أحمد هذا الاستفتاح لعشرة أوجه، ذكرها ابن القيم في زاد المعاد (١/ ٢٠٥).
(٢) البخاري (٧٤٤)، ومسلم (٥٩٨).
(٣) وهذا الذي ينبغي في العبادات الواردة على وجوه متعددة كأفعال الصلاة وأقوالها -كما تقدم ص (٥٨) -، انظر: قواعد ابن رجب "القاعدة الثانية عشرة"، مجموع فتاوى ابن تيمية (٢٢/ ٤٥٩).
(٤) مجموع الفتاوى (٢٢/ ٣٤٠)، نيل الأوطار (٢/ ٢٤٣)، فتاوى الشيخ ابن باز (١/ ٦١)، مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين (١٣/ ١٥٤).
(٥) مجمع فتاوى ابن عثيمين (١٣/ ٣٥٢).
(٦) منتهى الإرادات (١/ ٢١٤)، المجموع شرح المهذب (٣/ ٤٠٦).
(٧) مسلم (٤٩٨)، وابن ماجه (٨٧٢)، وانظر: مجمع الزوائد (٢/ ٣٠٥)، فتح الباري (٢/ ٢٧٥).
(٨) البخاري (٨٢٨)، والترمذي (٢٦٠)، وأبو داود (٧٣١)، (٧٣٤).
(٩) أبو داود (٨٦٩)، وابن ماجه (٨٨٧)، وانظر: صفة صلاة النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- للألباني ص (١٣٢).
(١٠) انظر: سنن الترمذي (٢/ ٥٧)، والمصدر السابق.

<<  <   >  >>