للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أولها "وهذا الوالي هو عمر بن الخطاب، وهذا الكلام من خطبة خطبها في أيام خلافته طويلة يذكر فيها قربه من النبي - صلى الله عليه وسلم - واختصاصه له، وإفضائه بأسراره إليه حتى قال فيها: فاختار المسلمون بعده بآرائهم رجلاً منهم فقارب وسدد حسب استطاعته على ضعف وجد كانا فيه، ثم وليهم بعده وال، فأقام واستقام حتى ضرب الدين بجرانه" (١).

فانظر إلى عليّ وكيف يطبق هذا الأوصاف على أبي بكر وعمر رضي الله عنهما تصديقاً لرؤيا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حرفاً بحرف، ويجعل الفاروق مصداقاً لبشارته عليه السلام، وكيف يقر ويعترف بأن الدين قد استقر في عهده المبارك، والإسلام قد تمكن في الأرض في أيام خلافته الميمونة، فهل لمتمسك أن يتمسك من الشيعة بقول علي بن أبي طالب - الإمام المعصوم عندهم الذي لا يخطئ -؟

ثم والخطبة التي مدح فيها عمر، وجعله مورد ومصداق بشرى الرسول هي خطبة ألقاها في أيام خلافته حيث لم يكن هناك ضرورة للتقية الشيعية التي ألصقوها تهمة بخيار الخلائق رضوان الله ورحمته عليهم.

وكم هناك من خطب لعليّ، المنقولة في نهج البلاغة، التي تدل على نفس المعنى بأن الفاروق كان سبباً لعز الدين، ورفعة الإسلام، وعظمة المسلمين، وتوسعة البلاد الإسلامية، وأنه أقام الناس على المحجة البيضاء، واستأصل الفتنة، وقوم العوج وأزهق الباطل، وأحيا السنة طائعاً لله خائفاً منه، فانظر إلى ابن عم رسول الله ووالد سبطيه وهو يبالغ في مدح الفاروق، ويقول:

لله بلاد فلان، فقد قوم الأود، وداوى العمد وخلف الفتنة، وأقام السنة، ذهب نقي الثوب، قليل العيب، أصاب خيرها وسبق شرها، أدى إلى الله طاعته، واتقاه بحقه، رحل وتركهم في طرق متشعبة لا يهتدي بها الضال، ولا المستيقن المهتدي" (٢).


(١) "شرح نهج البلاغة" لابن أبي الحديد ج٤ ص٥١٩
(٢) "نهج البلاغة" تحقيق صبحي صالح ص٣٥٠، "نهج البلاغة" تحقيق محمد عبده ج٢ ص٣٢٢

<<  <   >  >>