للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أما فيما يخص عقيدة الملا علي القاري، فهو في عداد الماتريدية، وإن كان كثيراً ما يثني على شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم، قال ... : ((لقد دافع القاري - جزاه الله خيراً - دفاعاً كاملاً عن شيخ الإسلام وابن القيم، ورد من رماهما بسوء الاعتقاد والتجسيم والتشبيه والضلال، وأقر عقيدة السلف في الصفات، وأنها لا تستلزم التشبيه كما دافع عن أهل الحديث ورد من يطعن عليهم بالتشبيه والحشو)) (١)، ولكن مؤلفات القاري لم تكن لتخلو مما يعارض عقيدة السلف، مثل قوله في الرسالة التي نحن بصددها - في معرض كلامه على عقيدته -: ((لا عَينَ ولا غَير في تحقيق صفَاتِ الذاتِ)) (٢)، ويبدو أن القاري لم يسلم من تأثيرات عصره، خاصة وأنه قد عاش في عصر الدولة العثمانية ذات العقيدة الماتريدية، وصاحبة الفروع الفقهية الحنفية (٣).

من المرجح أن عدم الاستقرار الذي شهدته خراسان خلال الحروب التوسعية للدولة الصفوية، قد دفع القاري إلى الخروج من هذه الديار وسكن الديار المقدسة في مكة المكرمة، حيث ألف هذه الرسالة، وقال في توثيق ذلك: ((وَالحمدُ لله عَلى مَا أعطاني مِنْ التوفيق وَالقدرَة عَلى الهجرة مِنْ دَار البدعة إلى خير ديار السّنة، التي هِي مُهِبط الوحي وظهِور النبوة ... )) (٤)، حيث ألف هذه الرسالة قبيل وفاته ببضع سنوات (٥)، حيث توفى سنة ١٠١٤هـ (٦).


(١) الماتريدية وموقفهم من الأسماء والصفات: ١/ ٤٩٤ نقلاً عن الموسوعة الميسرة: ٢/ ١٧١٤.
(٢) شم العوارض: ١٣/أ.
(٣) الموسوعة الميسرة: ٢/ ١٧١٣.
(٤) شم العوارض: ٨/أ.
(٥) المصدر نفسه: ١٦/ب.
(٦) الشوكاني، البدر الطالع: ١/ ٤٤٥؛ المحبي، خلاصة الأثر: ٣/ ١٨٥؛ إسماعيل باشا، هدية العارفين: ١/ ٧٥١؛ الزركلي، الأعلام: ٣/ ١٨٥؛ معجم المؤلفين: ٧/ ١٠٠.

<<  <   >  >>