للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقتالهم لم يكن مثل الرومان واليونان، الذين كانت لهم رجالة قوية مستحكمة، كانت القوة العسكرية للعرب مركبة من فرسان ورماة، وكانت الحرب التي قد تقاطعها مبارزات شخصية ومناوشات من القتال، قد تستمر وتطول بغير حادثة فاصلة الى عدة أيام.

أما ما قيل من مراس العرب للقتال وتدربهم عليها: بفضل حروبهم القبلية التي كادت تكون مستمرة، وتمكنهم من الانتصار على الروم والفرس، فلم تكن هذه المناوشات والغزوات الطائفية بحيث يتمكن بها العرب من قهر الامبراطوريتين الكبيرتين الرومية والفارسية، وقد خضع العرب مع هذا كله للحبشة ولفارس في جنوب العرب، وانسحبوا أمام جيوش أبرهة في زحفه على مكة، وأن الله هو الذي تولى بيته وكفى قريشا القتال وجعل أصحاب الفيل كعصف مأكول، ولماذا لم يجسر العرب على الخروج من جزيرتهم وغزو البلاد وفتحها في هذه القرون الطويلة التي قضوها في شبه جزيرتهم في خمود وخمول تام؟ لماذا لم يهاجموا الروم والفرس كما فعلوا بعد بعثة محمد صلى الله عليه وسلم بغير تراخ؟ ولماذا لبثوا الأحقاب والأجيال الطوال "معكومين على رأس حجر بين الأسدين فارس والروم" كما يقول قتادة أحد التابعين الكبار (١) ".


(١) تفسير ابن جرير (ج ٤ ص ٣٣)، ومعكوفين: مشدودين.

<<  <   >  >>