للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأما قوله - صلى الله عليه وسلم -: (حولها ندندن) - يعني الجنة - (١) فهو - صلى الله عليه وسلم - يقصد اسم الجنة الشامل الذي أعلاه وأعظمه محبة الله وقربه، ولك أن تتفكر في كون ربه اتخذه خليلا فهل يُزاحم هذه الخلّة مخلوق من الحور أو غيرها؟!.

وقد أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه حُبِّب إليه من الدنيا النساءَ والطيبَ وجُعلت قرةُ عينهِ في الصلاة (٢)، وذلك لأن الصلاة مناجاة لربه ففيها تتغذى روحه الطاهرة بزيادة محبته لمعبوده، وهذا لا يُقارب ما حُبِّبَ إليه في الدنيا من النساء والطيب، كما أن حبه للحور العين لا يقارب حبه لربه لذاته سبحانه، فتأمل هذا يُطْلعك على بعض أسرار العبادة؛ وكما أنه - صلى الله عليه وسلم - في الدنيا يحب زوجاته خاصة عائشة ويحب أصحابه إلا أن هذه المحبة لا تُزاحم ولا تقارب محبته لربه عز وجل، وقِسْ على هذا شأنه - صلى الله عليه وسلم - في الجنة مع الفارق بين الدنيا والآخرة.

وقد جاء في الصحيحين: (أن الله خلق آدم على صورته) الحديث (٣)، وفي الحديث الصحيح: (إن الله خلق آدم على صورة الرحمن) (٤)، وفي السِّفْر الأول من التوراة: (سنخلق بَشَراً على صُورَتنا يُشْبِهها).


(١) جاء ذلك في حديث رواه أحمد ٣/ ٤٧٤ و ٥/ ٧٤، وأبو داود برقم (٧٩٢ و ٧٩٣) عن أبي صالح عن بعض أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ورواه ابن ماجة برقم (٩١٠)، وابن حبان في صحيحه برقم (٨٦٨) وابن خزيمة برقم (٧٢٥) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.
(٢) رواه أحمد في مسنده برقم (١٤٠٧٠)، والنسائي برقم (٣٩٤٠) من حديث أنس بن مالك مرفوعاً.
(٣) رواه البخاري برقم (٦٢٢٧) ومسلم برقم (٢٨٤١) من حديث أبي هريرة مرفوعاً.
(٤) رواه الطبراني في معجمه الكبير برقم (١٣٥٨٠) وابن أبي عاصم في سنته ص (٢٢٩) عن ابن عمر مرفوعاً.

<<  <   >  >>