للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد تكلم ابن القيم في تجريد المحبة لله عز وجل وتصفية القصد وتهذيبه وتجريده فقال - رحمه الله – عن ذلك: (يكون قصده وعبوديته محبة لله بلا عِلّة، وأن لا يحب الله لِما يعطيه ويحميه منه فتكون محبته لله محبة الوسائل، ومحبته بالقصد الأول لِما يناله من الثواب المخلوق فهو المحبوب له بالذات، بحيث إذا حصل له محبوبه تَسَلَّى به عن محبة من أعطاه إياه، فإن من أحبك لأمرٍ والاك عند حصوله ومَلَّكَ عند انقضائه، والمحب الصادق يخاف أن تكون محبته لِغرضٍ من الأغراض، فتنقضي محبته عند انقضاء ذلك الغرض.

وإنما مراده أن محبته تدوم لا تنقضي أبداً، وأن لا يجعل محبوبه وسيلة له إلى غيره، بل يجعل ما سواه وسيلة له إلى محبوبه.

وهذا القدْر هو الذي حام عليه القوم وداروا حوله وتكلموا فيه وشمّروا إليه) انتهى (١).

أنظر قوله - رحمه الله -: (وأن لا يجعل محبوبه وسيلة له إلى غيره) فهذا حقاً مخيف!.

وقال - رحمه الله - في هذا المعنى أيضاً: لِـ (تكُن إجابتك لِداعي الحق خالصة، إجابة محبة ورغبة، وطلب للمحبوب ذاته، غير مشوبة بطلب غيره من الحظوظ والأعواض، فإنه متى حصل لك حصل لك كل عوض وكل


(١) مدارج السالكين، ٢/ ١٠٣.

<<  <   >  >>