للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقبل سنتين ونصف تقريباً حدثني أحد الإخوان في الله أن صاحباً له كان ممن مَنَّ الله عليه بمعرفته والشوق إليه والإقبال عليه، وكان كلما جلس في مجلس وسمع البعض يتكلمون فيه عن الحور العين والشوق إليهن قال لهم متعجباً: أفلا أدلكم على ما هو أعظم من الحور العين؟!، فيسألونه بتعجب عن ذلك وقد كانوا غافلين عنه!. فيقول لهم: إن رؤية الله تعالى والشوق إليه أعظم نعيماً من الحور العين والشوق إليهن!.

وفي حدود عام ١٤٢٣هـ توفي ذلك الرجل الصالح، فرآه أحدُ أصحابه في المنام بعد أيام من وفاته فسأله: أين أنت الآن؟، فقال: أنا في الجنة بحمد الله؛ فقال له الرائي: هل تصف لنا الجنة وحورها الحسان؟. فقال له: ويحك!، أفَلاَ تسألني عن رؤية الله تعالى!، ثم قال: (والله لقد أعطاني الله أن أرى وجهه الكريم متى ما أردتُّ!) انتهى.

فتأمل ذلك!، ولا عجب فقد جاء في حديث صهيب الرومي - رضي الله عنه – الذي تقدم ذكره أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال في رؤية أهل الجنة لربهم - سبحانه وبحمده -: (فَمَا أُعطُوا شَيئاً أحَبّ إليهِمْ مِنَ النَّظَرِ إلى رَبِّهِمْ) (١)، وقال الإمام ابن القيم - رحمه الله -: (الشوق إلى مجرد الأكل والشرب والحور العين في الجنة ناقص جداً بالنسبة إلى شوق المحبين لله تعالى، بل لا نسبة له إليه البتة!) انتهى (٢).


(١) رواه مسلم برقم (١٨١) من حديث صهيب الرومي - رضي الله عنه –.
(٢) مدارج السالكين، ٣/ ٥٧.

<<  <   >  >>