للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

به مَن في الأرض جميعاً بغير رسل ولا كتب ولا دعاة ولم يعصوه طرفة عين، فإذا كان يوم القيامة تجلى لمن آمن به وصدق رسله وكتبه، وآمن برؤيته، وأقرّ بصفاته التي وصف بها نفسه حتى يروْه عياناً، مثوبة منه لهم وإكراماً ليزدادوا بالنظر إلى مَن عبدوه بالغيب نعيماً، وبرؤيته فرحاً واغتباطاً ولم يُحْرَموا رؤيته في الدنيا والآخرة جميعاً، وحُجب عنه الكفار يومئذ إذْ حُرموا رؤيته كما حرموها في الدنيا ليزدادوا حسرة وثبوراً) انتهى (١).

وعن عُبَيْدِ بنِ عُمَير أنه قال في قوله تعالى في قصة داود: {وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ} (٢)، قال: (يُدْنيه حتى يَمسَّ بعضه) (٣)؛ وقال شيخ الإسلام - رحمه الله - بعد أن ذكره: (فلا جَرَمَ جاءت الأحاديث بثبوت الْمُمَاسَّة كما دل على ذلك القرآن وقاله أئمة السلف،


(١) المصدر السابق.
(٢) سورة ص، من الآية: ٢٥.
(٣) رواه عبدالله بن الإمام أحمد في (كتاب السنة، ص ١٦٥)، وقال شيخ الإسلام في (الفتاوى الكبرى، ٥/ ٨٨) عن هذا الأثر بعد أن أورده: (رواه الثوري وحماد بن سلمة وسفيان بن عيينة، بعضهم عن ابن أبي نجيح وبعضهم عن منصور عن مجاهد عن عبيد بن عمير، وهذا متواتر عن هؤلاء، وممن رواه: الإمام أبو بكر أحمد بن عمرو بن أبي عاصم النبيل في " كتاب السنة " حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة عن وكيع عن سفيان عن منصور عن مجاهد عن عبيد بن عمير الجواب " وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى " قال: ذكر الدنوّ منه حتى أنه يَمسَّ بعضه) انتهى، وقد جاء ذكر (الدنو) عند البخاري برقم (٤٤٠٨) ومسلم برقم (٢٧٨٦) عن عبدالله بن عمر – رضي الله عنهما – أنه قال: (سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - في النجوى يقول: يُدنى المؤمن من ربه، وقال هشام – أحد الرواة -: يدنو المؤمن حتى يضع عليه كَنَفَه تعالى، فيقرره بذنوبه، تعرف ذنب كذا؟!، يقول: أعرف، يقول: رب أعرف مرتين، فيقول: سترتها في الدنيا، وأغفرها لك اليوم؛ ثم تطوى صحيفة حسناته. وأما الآخرون أو الكفار فينادى على رؤوس الأشهاد: {هَؤُلاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ} " هود، آية: ١٨ ") وقد أورد البخاري في (خلق أفعال العباد، ص ٧٨) عن عبدالله بن المبارك بأن المراد بـ (كَنَفِه) أي (سِتره).

<<  <   >  >>