للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعن ابن بريدة عن أبيه رضي الله عنهما عن النبي - صلي الله عليه وسلم - قال: لما أهبط الله آدم إلى الأرض طاف بالبيت سبعا، وصلى خلف المقام ركعتين، ثم قال: اللهم إنك تعلم سري وعلانيتي فاقبل معذرتي، وتعلم حاجتي فأعطني سُؤلي، وتعلم ما عندي فاغفر لي ذنوبي، أسألك إيمانا يباشر قلبي ويقينا صادقا حتى أعلم أنه لن يصيبني إلا ما كتبت لي قال: فأوحى الله إليه: إنك قد دعوتني بدعاء استجبتُ لك فيه ولمن يدعوني به وفرجت همومه وغمومه، ونزعت فقره من بين عينيه واتجرت له من وراء كل تاجر، وأتته الدنيا وهي كارهة وإن لم يردها (١)

فلتأمل كيف أن الله قبل توبة آدم -عليه السلام- لما اعتصم به وتيقن أن لا منجاة له إلا بالاعتصام به وحده سبحانه، فتاب إليه فقبل الله توبته وأعلى درجته، وكيف أن الله لعن إبليس لما استكبر وأبي وحلت عليه لعنة الله إلي يوم الدين، لأنه حاد عن جناب رب العالمين واستكبر عن العبودية له سبحانه وتعالى ?

[٢ - الاعتصام بالله عند نوح -عليه السلام-]

واعتصم بالله نبي الله نوح -عليه السلام- لما كذبه قومه وصدوا عن دين الله وقالوا عنه بأنه مجنون وهو الذي دعا قومه ألف سنة إلا خمسين عاما قال تعالى: وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ. (٢)

فتوجه إلي الله داعيا أن ينصره على قومه. قال تعالى: كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ فَكَذَّبُوا عَبْدَنَا وَقَالُوا مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ (٩) فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ (١٠) (٣)

فهل ترك ربه؟ كلا! قال تعالى:

فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ (١١) وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا فَالْتَقَى المَاءُ عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ (١٢) وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ (١٣) تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا جَزَاءً لِمَنْ كَانَ كُفِرَ (١٤) (٤)


(١) رواه الطبراني في معجمه الكبير، انظر تفسير ابن كثير-١/ ٢٤٦ -
(٢) سورة العنكبوت-١٤ -
(٣) سورة القمر-١٠
(٤) - سورة القمر-١٤ -

<<  <   >  >>