للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الفتنة]

أصل الفتنة شدة الاختبار من قولك: فتنت الذهب؛ إذا أدخلته النار لتعلم جودته نن رداءتهه، وفي القرآن: (وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) أي: اختبرناهم، ومعنى الاختبار من الله التكليف على ما بينا.

وقال لموسى - عليه السلام -: (وَفَتَنَّاكَ فُتُونًا) أي: واستعمال الاختبار في اللَّه تعالى مجاز، لأن أصل الاختبار طلب العلم والله عالم بنفسه، [والبحر يصطفي الاختبار] (١)، ولا يستعمل في اللَّه قياسًا على الاختبار؛ لأن استعمال الاختبار فيه مجاز.

والمجاز لا يقاس ... قال: (وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ) أي: أهلها، ولا يجوز أن يقال: سل الحمار؛. أي: صاحبه، وقال: (ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ) ويقال: فتنت الرجل، ولا يقال: أفتنت.

وهي في القرآن على ثمانية أوجه:

الأول: التكليف؛ " قال: (وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) أي: أحسنوا أن يقع منهم بأن يقولوا: آمنا ولا تكلفون أو تمتحنون بما ظهر معه إيمانهم للرسول، وصدقهم فيه من كذبهم، فيركن إلى من يركن إليه منهم على بصيرة.

الثاني: العذاب؛ قال اللَّه: (يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ (١٣) ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ) أي: عذابكم، ويجوز أن يكون المعنى ذوقوا جزاء فتنتكم فحذف الجزاء، كما قال: (وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ).

وقيل: يفتنون يحرقون ومنه، قيل: للحجارة السود التي كأنها قد أحرقت الصبر ومثله قوله: (جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ) أي: عذاب الناس


(١) عبارة غير مفهومة، ولعل الصواب، والبشر يصطفي الاختيار. والله أعلم. اهـ (مصحح النسخة الإلكترونية).

<<  <   >  >>