للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المصيبة]

أصل الإصابة القصد، وفي المثل: أصاب الصواب فأخطأ الجواب أي: أراد، ومنه قوله: (رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ) أي: أراد وصاب الشيء إذا نزل من علو إلى سفل، كأنَّه يقصد الوجهة التي يمر فيها، وكذلك في إصابة السهم.

والمصيبة في القرآن على وجهين:

الأول: مكاره الدنيا من القحط والجدب والمرض، قال اللَّه: (وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ) وقوله: (مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ) فالمصيبة في الأرض الجدب، وفي الأنفس المرض، ودليل هذا قوله: (لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ) ولو أراد بالمصيبة الطاعة، والمعصية على ما يقوله المجبرة لم يقل: (لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ) وقوله: (مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ) يعنى: هذه المكاره؛ وقال: (أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ)، فهذا دليل على أن المصبية ليست بالمعصية، إذ ذكر أنه لم يأذن بالمعصية، وأذن بالمصيبة، والمصائب من الله حسنة، والإذن على هذا التفسير الأمر، وهو أن يأمر الملك بإنزال المصيبة فيهم، ويجوز أن يكون بمعنى العلم، والمراد أن اللَّه يعلمها ويجازيهم عليها بالحسنى.

الثاني: الهزيمة والقتل، قال الله: (وَإِنْ تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ يَقُولُوا قَدْ أَخَذْنَا أَمْرَنَا مِنْ قَبْلُ) يعني: أنكم إن هزمتم استصوب المنافقون بخلفهم عن القتال معكم، والأصل في هذه الوجوه واحد وهو الخلة المكروهة الشديدة الكراهة بترك الإنسان.

<<  <   >  >>