للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويجوز أن يكون معنى ذلك إنك تعلم ما أخفيه، ولا أعلم ما تخفيه عني، وجعل النفس عبارة عن هذا المعنى؛ لأن ما يخفيه الإنسان يخفيه في نفسه؛ فأخرج الكلام على العرف، ويجوز أن يكون المعنى تعلم غيبي، ولا أعلم غيبك؛ لأن ما في النفس غيب فلما ذكر النفس قابله بمثله ليحسن نظم الكلام، والمعنى معروف.

الثاني: قوله تعالى: (لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ) أي: منكم.

الثالث: مجيء الأنفس بمعنى الإخوان، قال اللَّه: (فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ) أي: على إخوانكم، وهو قريب من الأول: (تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ) لأن الله بينها،: (مُبَارَكَةً طَيِّبَةً) أي: يبقى أجرها وطيبها لكم، والبركة البقاء والثبات.

الرابع: مجيئها بمعنى الإنسان، قال اللَّه: (النَّفْسَ بِالنَّفْسِ) أي: الإنسان بالإنسان، وفي هذا دليل على أن الحُرَّ يقتل بالعبد؛ لأن شرائع من قبلنا. ثابتة الحكم علينا، ما لم يثبت نسخها، ودليل هذا قوله تعالى: (وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ).

وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " المؤمنون تتكافأ دماؤهم "، وقد استوى الحر والعبد في الإيمان.

وعند أبي حنيفة، وأبي يوسف، ومحمد، وزفر: أنه لا قصاص بين الحر والعبد إلا في النفس.

وعند ابن أبي ليلى: أنه يجب بينهما في النفس وفي جميع الجراحات التي تستطاع فيها القصاص.

<<  <   >  >>