للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بفاحشة ثم تاب، ويجوز أن يكون معناه إلا أن يلم بذنب ويحسب أنه صغير أو يلم بذنب ويحسب أنه ليس بذنب، وقوله تعالى: (قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ) ثم قال: (إِلَّا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ) معناه أن أصحاب إبراهيم تبرأوا من كفار قومهم وعادوهم على الدين ما خلا: (قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ)، فإن ذلك كان: (عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ) فقول إبراهيم هو استثناء من قول أصحابه، كان معنى قوله: إذ قالوا لقومهم قولهم لقومهم.

وقيل: معناه لكن قال إبراهيم لأبيه لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ، المعنى أن إبراهيم لم يقل ما قالوه ولكن قال: (لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ)، وقوله: (لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى) والموتة الأولى لم تكن في الجنة، ولكن المعنى على البدل كلامه قال: لا يذوقون إلا الموتة الأولى كما تقول: لقيت زيدا في الدار ولقيت عمرا فلما كررت الفعل جاز أن لا يكون عمرو ملقيا في الدار وإذا لم تكرر وقلت: ظننت زيدا في الدار وعمرا لم يجز أن يكون عمرو إلا مظنونا في الدار كذلك.

قال قطرب: وفيه نظر.

وأما قوله تعالى: (لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا إِلَّا سَلَامًا) وهذا أيضا يدل على البدل ولا يكون استثناء؛ لأن اللغو ليس بسلام كأنَّه قال: لا يسمعون فيها إلا سلاما.

ومثله قول سعد بن مالك:

والحربُ لا يبقَى لجا ... حِمِها التَّخيُّلُ والمِراحُ

إلاَّ الفتَى الصبَّارُ في النَّ ... جداتِ والفرسِ الوَقاحِ

<<  <   >  >>