للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ويرجع الفضل للفكر الماركسي، خصوصاً مع نضجه في بكين، في طريقة للتحليل تسمح وإلى حد ما برقابة لاحقة مبنية على التجربة، رقابة هي بالإجمال معدة لكشف الأخطاء ومعالجتها بعد وقوعها، لكنها ليست جهاز إنذارٍ يلفت انتباه قوى الدفاع الجاهزة فوراً؛ حينما تلوح في الأفق بادرة خطأ.

لقد حلل (ماركس) (١) أخطاء (كومون باربس) حتى لا تتكرر في اطرادٍ ثوريٍّ آخر، وإذا ما تكررت في حركات ثورية أخرى فليس هنالك غير العملية الساخنة التي سميت (الثورة الثقافية).

ومع ذلك فإن أي بلد إسلامي؛ حتى التي تُدعى ثورية لم تفتح بعدُ باب المناقشة حول هذه الأمور، كأنما الأمور تسير على خير ما يرام في أفضل مكان في العالم.

فقد يحدث في أكثر من بلد إسلامي: أن تجد البلادُ نفسها بعد الثورة في الوضع السابق على الثورة، بل ربما أكثر خطورةً، بل إنها قد تجد نفسها من جديد في ظل إيديولوجيا يسقط من أجلها الأبطال، ولا يتعرفون على الأفكار التي من أجلها سقطوا. كما لو كانت عجلة الثورة وأفكار ها تدور أثناء الثورة اعتباراً من لحظة معينةٍ نحو الوراء.

والغريب في هذه الأوضاع أنها تنمو وتتقدم حتى نهاية الثورة؛ دون أن يُلحظ في الظاهر أي انقلاب في القيم.


(١) (كارل ماركس karl marx) : (١٨١٨ - ١٨٨٣) فيلسوفٌ وعالم اقتصاد ألماني. له بالغ الأثر في التيارات الفكرية والسياسية المعاصرة. له العديد من المؤلفات، منها " الحرب الأهلية في فرنسا في عام ١٨٧١ "، وهو دراسةٌ يحاول الكاتب فيها أن يحلّل (كومون باريس la commune de paris) ، أي الحكومة الثورية التي حكمت باريس منذ اندلاع الثورة الفرنسية سنة (١٧٨٩) وحتى سنة (١٧٩٥).

<<  <   >  >>