للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

لا يعني أن المؤسسة شاخت بل أن المجتمع مريض. وأصل الداء في هذه الحالة ينحصر في العالم الثقافي.

ففي بعض بلاد أوربة الشمالية تميل الأزمة الثقافية التي أنتجت الهِبِّيَّة إلى استبدال الزواج التقليدي بالاقتران الحر أو باقترانٍ أكثر تعقيداً أو أكثر شذوذاً؛ كالاقتران بين جنس واحد.

فهذه تحولاتٌ في الإطار النفسي تقود إلى أديم الحياة الاجتماعية، تحولات اقتصادية وسياسية. ذلك أن العامل النفسي يسبق العامل الاجتماعي ويتحكم به. فكيفما تناولنا الموضوع نقع دائماً على المبدأ الذي يعبر عنه القرآن الكريم {إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ} [الرعد: ١٣/ ١١].

فالآية الكريمة تحوي في طياتها سائر النتائج التي يمكن أن نستخرجها من انتقام الأفكار المخذولة.

فليس (يوليوس قيصر) هو الذي قتل (جمهورية روما)، فموتها كان نتيجة التحولات الخفية التي طرأت على الروح الرومانية، وإنه لذو مغزى في هذا الخصوص أن موت (يوليوس قيصر) مطعوناً بيد (بروتس) والمشتركين معه في المؤامرة لم يُعِد جمهورية روما إلى الوجود.

والجمهورية لم تمت في (أثينا) بسبب (يوليوس قيصر)، بل في أعقاب التحوّلات النفسيّة ذاتها التي قادت إلى موتها في (روما).

فالتحوّلات النفسيّة التي تدخل في الاطراد وتصبح بادية في المستوى الاجتماعي والسياسي تنشأ في مستوى الدوافع التي تتحكم في السلوك.

وهذا ما نلاحظه بوضوح تام في السيرة التي قادت المجتمع الإسلامي بعد عام (٣٨) للهجرة نحو أفول الروح الديمقراطية.

<<  <   >  >>