للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال المرداوي في " الإنصاف" (١/ ٧٩): (يستثنى من قوله (كل إناء طاهر يباح اتخاذه واستعماله) عظم الآدمي فإنه لا يباح استعماله).

[حكم استعمال الآنية النجسة على وجه لا يتعدى:]

مفهوم قوله: (يباح اتخاذ كل إناء طاهر واستعماله) أنه لا يباح اتخاذ ولا استعمال الآنية النجسة، وقد تعقب هذا المفهوم الشيخ العثيمين - رحمه الله - فقال في " الشرح الممتع" (١/ ٧١) ما مختصره: (قوله: «كل إناء طاهر»، هذا احتراز من النجس، فإنه لا يجوز استعماله، وفيما قال المؤلف نظر، لأن النجس يباح استعماله إذا كان على وجه لا يتعدى، مثاله أن يتخذ «زنبيلا» نجسا يحمل به التراب ونحوه، على وجه لا يتعدى).

وقد نحا الماتن إلى جواز استعمال جلد حيوان كان طاهرا في الحياة، ثم تنجس بموت، مأكولا كالشاة أو لا كالهر بعد دبغة - مع أن الدبغ غير مطهر - في يابس، وأيضا أجاز استعمال شعر ما لا يؤكل لحمه غير جلد كلب وخنزير في يابس ولبسه في غير الصلاة.

قال الرحيباني في "مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى" (١/ ٥٩): ((ولا) يطهر (بدبغ جلدُ) حيوانٍ كان طاهرا في الحياة، ثم (تنجس بموت)، مأكولا كان أو لا: كالشاة والهر، على الصحيح من المذهب ... (فإن دبغ) جلد الميتة الطاهرة في الحياة (حل استعماله لا بيعه في يابس)، لحديث مسلم «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - وجد شاة ميتة أعطتها مولاة لميمونة من الصدقة، فقال: ألا أخذوا إهابها فدبغوه، فانتفعوا به» ولأن الصحابة لما فتحوا فارس انتفعوا بسروجهم وذبائحهم ميتة، ولأن نجاسته لا تمنع الانتفاع به، كالاصطياد بالكلب، وركوب البغل والحمار، وعلم منه أنه لا يجوز استعماله قبل الدبغ مطلقا، ولا بعده في مائع من ماء أو غيره، لأنه يفضي إلى تعدي النجاسة، (كمُنْخُلِ من شعر) حيوان (نجس)، كبغل: فيحل استعماله في يابس، لعدم تعدي النجاسة (١)) (٢).


(١) وقد نص أحمد على ذلك، وصحح المرداوي في "تصحيح الفروع" (١/ ١٢١) جواز استعمال شعر ما لا يؤكل لحمه غير جلد كلب وخنزير في يابس ولبسه في غير الصلاة.
(٢) انظر: " شرح منتهى الإرادات" (١/ ٣٠).

<<  <   >  >>