للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد يقال أن هذا التعقب لا يلزم الماتن لأن محل الكلام على استعمال الآنية النجسة في المائعات وخاصة الماء لا في اليابس، وقرينة ذلك أنه ذكر باب الآنية عقب باب المياه لبيان أن هذه الآنية إنما هي لحفظ الماء.

والصواب صحة التعقب وما ذُكِرَ لا يقوى على التخصيص بالماء فقط، بالإضافة إلى أن هذه المناسبة المذكورة ضعيفة فالماء لا يشترط أن يكون في ظرف بل إن أصله أن يكون في الآبار والعيون.

وقد اعتاد بعض الفقهاء ذكر هذا الباب في كتاب الأطعمة والأشربة. والأولى أن يقال في وجه مناسبة ذكره في كتاب الطهارة أن بعض الآنية منهي عن استعمالها لنجاستها كالأوعية من جلود الميتة وآنية الكفار، أو محرمة كآنية الذهب والفضة فاحتاج الأمر إلى بيان حكم التطهر منهما فناسب أن يتكلموا على باب الآنية في كتاب الطهارة (١).

[حكم استخدام الأواني الثمينة من غير النقدين:]

قال ابن قدامة في "المغني" (١/ ٥٨): (أما سائر الآنية فمباح اتخاذها واستعمالها , سواء كانت ثمينة , كالياقوت والبِلور وَالْعَقِيقِ وَالصُّفْرِ والمخروط من الزجاج , أو غير ثمينة , كالخشب والخزف والجلود. ولا يكره استعمال شيء منها في قول عامة أهل العلم , إلا أنه روي عن ابن عمر أنه كره الوضوء في الصُّفْر والنُّحَاس والرَّصَاص وما أشبه ذلك. واختار ذلك الشيخ أبو الفرج المقدسي; لأن الماء يتغير فيها , وروي أن الملائكة تكره ريح النحاس (٢) , وقال الشافعي في أحد قوليه: ما كان ثمينا لنفاسة جوهره فهو محرم; لأن تحريم الأثمان تنبيه على تحريم ما هو أعلى منه ; ولأن فيه سرفا وخيلاء وكسر قلوب الفقراء , فكان محرما كالأثمان.


(١) انظر أحكام الطهارة للدبيان (١/ ٤١٢).
(٢) ضعيف - أخرجه الطبراني في "الأوسط" (٤/ ١٦٨) حديث رقم (٣٨٨٢)، وفي "مسند الشاميين" (٢/ ٥٥) حديث رقم (٩١٠) من حديث ابن عمر - رضي الله عنهما - بسند فيه يزيد بن يوسف الرحبي قال عنه الذهبي في "الكاشف" واه، وقال ابن حجر في "التقريب": ضعيف، ورواه الروياني في "مسنده" (١/ ٧٤) حديث رقم (٣٢) من حديث بريدة - رضي الله عنه - وفيه صالح بن حيان قال عنه ابن حجر: ضعيف.

<<  <   >  >>