للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولنا ما روي عن عبد الله بن زيد , قال: {أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخرجنا له ماء في تور من صُفْر , فتوضأ} متفق عليه , وروى أبو داود في " سننه " , عن عائشة قالت: {كنت أغتسل أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم في تور من شَبَه (١)} ولأن الأصل الحل , فيبقى عليه , ولا يصح قياسه على الأثمان ; لوجهين: أحدهما أن هذا لا يعرفه إلا خواص الناس , فلا تنكسر قلوب الفقراء باستعماله , بخلاف الأثمان. والثاني أن هذه الجواهر لقلتها لا يحصل اتخاذ الآنية منها إلا نادرا , فلا تفضي إباحتها إلى اتخاذها واستعمالها , وتعلق التحريم بالأثمان التي هي واقعة في مظنة الكثرة , فلم يتجاوزه , كما تعلق حكم التحريم في اللباس بالحرير , وجاز استعمال القصب من الثياب , وإن زادت قيمته على قيمة الحرير ; ولأنه لو جعل فص خاتمه جوهرة ثمينة جاز (٢) , وخاتم الذهب حرام , ولو جعل فصه ذهبا كان حراما , وإن قلت قيمته) (٣).

[الترجيح:]

الراجح إباحة استخدام الأواني الثمينة من غير النقدين. وهو قول جمهور العلماء إلا أنه لم يصح فيه الإجماع.

قال ابن حزم في "مراتب الإجماع" (ص: ٢٣): (اتفقوا أن كل إناء ما لم يكن فضة ولا ذهبا ولا صفرا ولا نحاسا ولا رصاصا ولا مغصوبا ولا إناء كتابي ولا جلد ميتة ولا جلد ما لا يؤكل لحمه وإن ذكي فان الوضوء منه والأكل والشرب جائز) وتعقبه ابن تيمية في "نقد مراتب الإجماع" (ص: ٢٨٩) فقال: (الآنية الثمينة التي تكون أغلى من الذهب والفضة - كالياقوت ونحوه - فيها قولان للشافعي. وفي مذهب مالك قولان).

وقال ابن حجر في "الفتح" (١٠/ ٩٨): (يجوز استعمال الأواني من الجواهر النفيسة وغالبها أنفس وأكثر قيمة من الذهب والفضة ولم يمنعها إلا من شذ وقد نقل


(١) الحديث صححه الألباني، وقال الجوهري في الصحاح: الشبه: ضرب من النحاس.
(٢) وقد رجح الشيخ الشنقيطي في "أضواء البيان" (٢/ ٥٣٠) تحريم تحلي الرجال وتزينهم بالجواهر الثمينة كالؤلؤ ونحوه لما فيه من التشبه بالنساء.
(٣) انظر شرح العمدة (١/ ١١٨).

<<  <   >  >>