للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الرواية المذكورة وانفراد ابن عجلان بها ومخالفته الثقات فيه يدل على أنه لم يحفظه كما قال البيهقي (١).

ثانيا - وعلى فرض ثبوته فإنه لا يلزم من اقتران البول مع الاغتسال التسوية بينهما في الحكم وذلك لضعف دلالة الاقتران فقد قال تعالى: (كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ) [الأنعام: ١٤١] فالأكل غير واجب والإيتاء واجب، وعليه فلا يلزم من اقتران البول والاغتسال التسوية بينهما في الحكم وذلك لأن البول نجس نجاسة حسية بالاتفاق، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: (المؤمن لا ينجس) يدل على طهارة بدن المؤمن، وأن الحدث الناتج عن الاغتسال معنويا فافترقا.

أضف إلى أنه ليس في الحديث ما يدل على أن النهي عن البول أو الاغتسال في الماء الراكد لتنجيسه، بل قد يكون في البول سدا للذريعة؛ لأن البول ذريعة للتنجيس بتكرره فيتغير بذلك الماء ويصير نجسا، وفي الاغتسال يكون النهي لكي لا يصير مستخبثا بتوارد الاستعمال فيبطل نفعه، وإنما قلنا ذلك إعمالا لما يأتي من الأدلة على طهارته.

الدليل الثاني:

استدلوا بأنه يسمى طهارة والطهارة لا تكون إلا عن نجاسة إذ تطهير الطاهر لا يعقل (٢).

المناقشة:

وأجيب بأن الطهارة المقصودة من التطهر إنما هي طهارة معنوية من الذنوب والمعاصي، وأما الحدث فهو شيء معنوي فكما أنه لا يتنجس به البدن فلا يتنجس به الماء، ولذلك لما اعتبر أبو هريرة حدثه نجاسة بين له النبي - صلى الله عليه وسلم - أن المؤمن لا ينجس.

ويجاب أيضا بقطع الملازمة المذكورة من كون الطهارة لا تكون إلا عن نجاسة وذلك بأن تجديد الوضوء والأغسال المستحبة سماها الشرع طهارة وليست عن


(١) نقله عنه النووي وانظر المجموع (١/ ١٥٢).
(٢) انظر لمغني (١/ ٢٩).

<<  <   >  >>